هناك لحظة يغافل فيها النوم اليقظة، فيسرقك إليه دون أن تنتبه، تلك اللحظة هي نفسها عندما تهوي عشقا.. مهما قالوا ومهما تغنوا فيه لا يوجد مبرر أو تفسير، كيف أتى أو كيف طغى على تلك القلوب.. كثيرا قالوا عن العشق.. وكثيرا سقطوا ضحاياه قبل أن يقولوا عن تجاربهم شيئاً، فالخسارة بالحب هي ربح بالنسبة لهم.. هناك أشخاص عندما يمرون على حياتك لا يمرون مرورا عاديا: يعبرون على قلبك كالملوك يحبونه ببذخ، ويتربعونه بهيبة، ويدوسونه بترف، وقافلتهم لا تنتهي.. نعم لا تنتهي فهي تظل إلى أن تأتي قافلة بعدها، قافلة أكبر وأضخم وأثقل، تعبر لتمتحي آثار التي قبلها، فالحواس تلامسها الحروف وبترتيبها ووقع الصوت على قلبها، الكلمات وما ترتبط به من ذكرى برأسها، النبرة وكيمياء الصوت.. كلها لغات لو دخلت بالقلب كالسهم محت ذكرياته جميعها.
في بداية كل قصة حب، هناك مرحلة وردية حالمة سعيدة جدا، يرى المحب الشخص الذي أمامه ملائكي الملامح والمواصفات، حتى عيوبه مفرحة وشطحاته التافهة مشوقة.. وأنه لا سبيل لهروب هذا الملاك من شباكه، ويفعل المستحيل وكأن الرب نزل عليه لطف العالمين وطيبهم؛ لإرضاء المعشوق ويقول بسره مع العلانية إنه «الأول فعلاً والأخير»، ولم يحب ولن يحب مثل حبه.. ربما مع مرور الوقت تصبح المرحلة الوردية حمراء، وتظهر العيوب جلية «ولكن عين الرضا عن كل عيب كليلة» وتأتي مرحلة الاقتناع التام، فليس هناك أجمل من لغة عشق تتشكل بكل الوسائل، ليست الحروف فقط وسيلتها الوحيدة، لكن فولتير يقول:«ليس من بلد على هذه الأرض لا يصبح العاشق فيها شاعراً» وأيضا أفلاطون يؤيده: «كل إنسان يصبح شاعرا إذا لامس قلبه الحب».. نعم ربما يكون شاعرا بنظراته، بلمساته، باشتياقه، بشغفه، وليست حروفه فقط.
ألفاظ أو حركات تنطق عندما يهيم الشخص بالحب ويسبح بين صفعاته ولمساته الحنونة.. عندما يسمعه أو يراه أي شخص يحسبها خيالاً، أما المحب عندما يقولها كأن قطرات دمه كلها تحلف بصدقه ووفائه. أما الآن فكلهم مكابرون.. يدعون العصرية ويهتفون: بأن البقاء للأقوى.. وإنهم لا ينهزمون لشوق أو سلهمة أعين.. فضحتهم الأطياف بجانبهم الساقطون حبا. ولكن اسحاق نيوتن يبرئ الأرض من ضحايا العشق: «الجاذبية ليست مسؤولة عن وقوع الناس في الحب».. ولو أن اسم نيوتن ليست له علاقة بالعشق ومجانينه، إلا أن العشق كالموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً لا شابا ولا كهلا عالما أو جاهلاً. يأتي دون موعد وتتهيأ الظروف له بقدر كالموت تماما.
عشقيات:
عندما تمر بعقلي.. أشعر بمرورك
برائحتك بأنفاسك
ولا أصحو إلا عندما أشعر بطعمك بفمي
تبا لماذا صحوت؟
كدت أستحضرك
مشاعل الفيصل
twitter@:Negative87
أضف تعليق