محليات

تعليقاً على طلب الاستغفار لمؤسس شركة آبل ستيف جوبز
د.المسباح: الترحم على موتى الكفار لا يجوز والدعاء لهم بالهداية حال حياتهم مستحب

تعليقاً على ما دار من جدل بمواقع التواصل الاجتماعي بشأن الترحم والدعاء بالمغفرة لستيف جوبز مؤسس شركة آبل أكد الداعية الإسلامي الشيخ الدكتور ناظم المسباح أنه لا يجوز شرعاً الترحم أو الدعاء بالمغفرة على من مات من اليهود والنصارى أو غيرهم ممن عُلم كفرهم ، موضحاً بأن ما قدَّموه من خدمات للإنسانية أو غير ذلك فهو ينفعهم في الدنيا وهذا حاصل بالمشاهدة ولكنه لا ينفعهم في الآخرة وليس بمسوِّغٍ للترحُّم عليهم لأنه داخل في قوله تعالى: (الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ) مبيناً أن الذي يترحم على موتى الكفار إما أن يكون جاهلا بالمنع فهو أقل إثما من العالم به وإما أن يكون عالماً بالمنع فهو على إثم عظيم لأنه بهذا يقف في وجه حكم الله وقد ذهب البعض إلى تكفيره لأن فيه جحود لأمر الله واعتراف ضمني بما عليه أهل الكفر من ضلال فقد قال تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) لافتاً إلى أن الدعاء لليهود والنصارى وغيرهم بالهداية ودعوتهم للإسلام حال حياتهم فمطلوب ومستحب وهو من فعل السلف الصالح.
 
الإجماع على التحريم
وتابع : نُقل الإجماع في الموسوعة الفقهية الكويتية على النهي عن الدعاء بالرحمة والمغفرة ونحوهما لمن مات من الكفار وفي الموسوعة الفقهية أيضا: “اتفق الفقهاء على أن الاستغفار للكافر محظور، بل بالغ بعضهم فقال: يقتضي كفر من فعله” ، مذكراً بقوله تعالى (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ والّذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلمُشْرِكِينَ ولو كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهم أنَّهم أصْحَابُ الجَحِيمِ) وهذه الآية متضمنة لقطع الموالاة للكفار، وتحريم الاستغفار لهم، والدعاء بما لا يجوز لمن كان كافراً ، قال الإمام النووي رحمه الله : ( الصلاة على الكافر، والدعاء له بالمغفرة حرام، بنص القرآن والإجماع المجموع (5 / 144، 258).
 
شبهات وردود
وأشار إلى أن بعض المعاصرين – هداهم الله – ادعوا أن الترحم غير الاستغفار وزعموا أننا نهينا عن الاستغفار للمشركين ولم ننه عن الترحم عليهم مستدلين بما جاء في تفسير اسمه تعالى (الرحمن) حيث إنه فُسِّر بذي الرحمة العامة الشاملة لجميع الخلائق وللمؤمن والكافر ، تفريقا بينه وبين اسمه تعالى (الرحيم) فقد فُسِّر بذي الرحمة الخاصة بالمؤمنين ويجاب عن هذه الشبهة بأجوبة ، منها أن الترحم على الميت يراد به رحمة مخصوصة وهي مغفرة الذنوب والنجاة من النار فهو بمعنى الاستغفار ومنها قوله تعالى عن الكافرين (والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي) وهذا يفيد أن الترحم عليهم من التعدي في الدعاء ومنها ما رواه البخاري وغيره أن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم (يرحمكم الله) فكان يشمتهم بقوله (يهديكم الله ويصلح بالكم).
 
ونوه المسباح بأنه ليس معنى تحريم الدعاء بالمغفرة لموتى الكفار أننا لا نتعايش معهم أو نتحاور معهم ، مبيناً أن الإسلام حث على بر غير المسلمين إذا لم يقاتلوننا في ديننا ولم يساعدوا أعداءنا مصداقاً لقوله تعالى (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ) ، مؤكداً أن الشريعة الإسلامية تقبل الحوار والتعايش مع الآخر في ظل الثوابت والضوابط الشرعية، محذراً في الوقت نفسه من خطورة العبث بالثوابت الدينية وتذويب العقيدة الإسلامية بحجة التسامح بين الأديان أو عصرنة الإسلام.
 
وطالب الدول الإسلامية بتبني الحملات التربوية والتثقيفية التي تبين عظمة الإسلام وأهمية تمسك النشء المسلم بعقيدته وهويته الإسلامية لاسيما في ظل هذا الهجوم الشرس الذي يتعرض له الإسلام والمسلمون، وشعور بعض المسلمين بالهزيمة الفكرية لما يرون من قوة لدى أصحاب الديانات الأخرى، مشددا على أهمية دور العلماء الربانيين في إنقاذ سفينة الأمة وحماية ثوابت الإسلام من التضييع والتذويب.