أقلامهم

مقال ساخن
بودي معتبراً منتقدي كتلة الوطني تكفيريين سياسيين: يريدونهم على طريقة الفرعيات

من حيث المبدأ

جاسم بودي

جميل جدا أن يتصيد الكتاب والسياسيون ووسائل الإعلام مصطلحا ما في إطار التجاذبات ويعيدون توظيفه في حرب المواقف. نحن نفعل… وغيرنا كذلك، بل نعترف أننا كنا أكثر من أطلق مصطلحات صارت جزءا من الواقعين الإعلامي والسياسي.
اليوم يتندر البعض بعبارة «من حيث المبدأ» التي قالها نواب كتلة العمل الوطني في معرض تأييدهم لاستجواب الايداعات المليونية. ومع أن العبارة واضحة لا لبس فيها وهي امتداد لأدبيات جميع النواب تقريبا في التعامل مع الاستجوابات، إلا أن «ربع معانا معانا ضدنا ضدنا» اعتبروها موقفا عدائيا لأنهم يريدون صوت الكتلة إلى جانبهم على طريقة «الفرعيات»… وهذا شأن يخص الكتلة ولا يخصنا.
نواب الكتلة أحرار في مواقفهم، ومنتقدوهم أيضا أحرار في تفسيراتهم، ونحن أيضا أحرار في استخدام عبارة «من حيث المبدأ» لتسليط الضوء على جملة أمور.
نقول إن على أسرة الحكم التي نجلها ونحترمها الانتباه الى وجوب استيعاب بعض ابنائها ومحاصرة تأثيرهم السلبي عليها وعلى المشهدين السياسي والوطني. فالأسرة حزمة كبيرة والاغصان الجيدة المورقة تغطي على السيئة وتظللها وتحجب أذاها عن الآخرين، لكن المشكلة تكمن في احتمال انقطاع رباط الحزمة بفعل تمدد الأعواد السيئة.
«من حيث المبدأ»، لا نود التدخل في هذا الشأن، فأمور الاسرة تخص الاسرة، ولكن «أبونا العود» الأمير هو من طلب منا المساهمة في التقويم والتصحيح خصوصا اذا كان الامر يتجاوز الشأن العائلي إلى الشأن العام.
ولكل من يتبنى نظرية «من ليس معنا فهو ضدنا» ومن يعتبر نفسه الوحيد التقي النقي الطاهر الشريف وغيره الفاسد، ولكل من كرّس نفسه الحكم والقاضي والمدعي في الوقت نفسه، ومن صنف ومن خوّن ومن وزّع صكوك «نزع الوطنية» عن هذا وذاك… نقول له «من حيث المبدأ»: انظر في المرآة.
ولمن تسكنه عقد الانتقام الصغيرة التافهة، ويعتقد انه قادر على تجييش مجموعة من الأتباع والأنصار والمستفيدين ويوزع عليهم «الأمر اليومي» كي ينشروه حيث أمكن كل على طريقته، ولمن يعتقد ان الصوت العالي والغمز واللمز والطعن في الذمم واختصار المواقف بالصفقات يمكن ان يرهب مخالفيه في الرأي والرؤية، نقول له «من حيث المبدأ» ان مواقفنا السابقة والحالية واللاحقة ستستمر بالحق، وان تغاضينا عن تفاهته ليس عجزا بل لاننا ابناء مدرسة اخرى وتربية مختلفة، ولاننا (وهو الاهم) نهين انفسنا وتاريخنا إذا تجادلنا مع صغار.
والغريب ان «التكفيريين السياسيين الجدد» خليط عجيب غريب يستهزئ بعقول الكويتيين وذاكرتهم. «محاربو الفساد» يتحالفون مع سرّاق المال العام ويستقوون بهم ضد خصومهم، وسرّاق المال العام يتحالفون مع محاربي الفساد تصفية لخصومات سياسية. الطائفيون الذين أشعلوا البلاد وكادوا يتسببون بصدامات مذهبية ونفخوا في كير الفتنة الى أبعد مدى يتحالفون مع العلمانيين أو مع اللاطائفيين ويحاضرون بالوحدة والتآلف، بل الأدهى والأمر إن من كانوا أكثر ضحايا الطائفيين ووسائل إعلامهم يتحالفون معهم الآن مستخفين حتى بقواعدهم التي «لُسِعَتْ» بنيرانهم.
«من حيث المبدأ» اتضح أن في الكويت كثيرين… بلا مبدأ.
أما بالنسبة إلى الذين ما عادوا يعرفون غير الاستقواء بالطائفة أو بالقبيلة، أو الذين ما عادوا يقيمون الاشخاص والمسؤولين والمديرين والمعينين إلا بالمنظور الطائفي أو القبلي أو المناطقي، نرد عليهم «من حيث المبدأ» بأن اللعب بهذا الملف سيحرق أصابعهم… أما مذهبنا، ومع شديد اعتزازنا وفخرنا بأصولنا، فهو «إنّ أكرمكم عند الله اتقاكم».
أعرف أن كثيرين سيحاولون توجيه المقال في الوجهة التي تناسبهم، وان كثيرين سيستخدمون المقال للتحريض أو النفخ في الكير، وان كثيرين سيعطون المقال تفسيرات خاطئة أو خبيثة، انما «من حيث المبدأ»… لا يشرفني ان يقرأه من ليس لديه مبدأ.