أقلامهم

الجارالله يتنبأ بنصر سوري على نظام الأسد ويتحدث عن الاتعاظ بمصير القذافي

أحمد الجاراله
سورية تقرأ درس ليبيا
يكاد المثل الشعبي الكويتي” اضرب المربوط يخاف المفتلت” ينطبق على النظام السوري, فالمشهد الذي انتهى اليه معمر القذافي وفريقه الحاكم جعل بعض من في دمشق يتحسسون أعناقهم, ويقبلون سريعاً بزيارة اللجنة العربية برئاسة قطر, بعد تحفظات وهدر للوقت, الى ان جاءت الأخبار من سرت الليبية, فأيقن نظام البعث ان مراهناته كلها كانت على سراب, فنهاية الطغاة تصنعها صرخات المظلومين لا بيانات الصالونات وهروات وبنادق “الشبيحة”. 
الدرس الليبي يجب أن يكون عبرة لكل الذين يضربون رؤوسهم في صخر معاندة شعوبهم ويقفون ضد ارادتها, فهذا الذي حاول جعل نفسه شبه اله يمشي على الارض انتهى به المطاف في أنبوب للصرف الصحي, لأنه وقف في وجه هدير الرفض الشعبي, وأدار بلاده طوال أربعة عقود بالحديد والنار والمعتقلات, فكك كل مؤسسات الدولة وربطها به شخصيا, ومضى في غيه الى آخر الطريق منصباً نفسه مرة ملكاً لملوك أفريقيا, وآخرى عميدا للحكام, ناسيا ان من يمشي في الأرض مختالا نهايته بائسة, وان الله يمهل ولا يهمل, اذ لابد للظالم من ساعة حساب.
 إن المشهد الذي ختم حياة القذافي يذكر بحادثة وقعت للملك الليبي ادريس السنوسي بعد الانقلاب عليه, حين سارت بعض التظاهرات أمام قصره  تهتف “حكم ابليس ولا ادريس”, وقبل أن يسلم الرجل نفسه صلى ركعتين وقال اللهم اقبل دعوتهم ودعاءهم ليحكمهم ابليس, وهذا ما حدث فعلا اذ إن القذافي كان طوال اربعة عقود ونيف ابليسا في القتل والتآمر والقمع والتدمير وهدر ثروات ليبيا, وكان مثله أولاده أبالسة صغاراً أيضا, لذلك كتب الله لهم جميعاً هذه النهاية التي لا يحسد عليها عدو. 
صفحة معمر القذافي النظام طويت, وبقيت صفحة العبرة, فهو أهدر الكثير من الفرص التي منحت له طوال الأشهر الثمانية الماضية, وأعمى مرض جنون العظمة بصيرته, لذلك كان يرد عليها كلها بالمزيد من التدمير وفتح ابواب جهنم على الشعب الليبي, وهو المشهد ذاته الذي نشاهده في المدن والقرى السورية, حيث يرد النظام على كل مبادرة عربية كانت أو دولية أو إقليمية أو تركية بالمزيد من دك المدن بالدبابات والطائرات, ويحول المدارس سجوناً ليحشر فيها الناس, ويحاول كسب الوقت على أمل أن تحدث معجزة تسكت أصوات الحق الصادحة بالرفض له, لكن ما فات هذا النظام إننا نعيش زمن معجزات تصنعها الشعوب التي اذا قالت كلمتها لا يمكن لأي قوة في العالم أن توقفها. 
السيل الشعبي العارم الذي يهدر في ارجاء سورية لا يزال يتعاطى برحمة مع النظام, وربما جمعة الاحتجاج على المبادرة الأخيرة للجامعة العربية اشارة واضحة لبداية عهد جديد في الانتفاضة تفرض على نظام دمشق ان يعيد حساباته مرة اخرى ربما هي الاخيرة, وان يتخلى عن ذهنية أن درس حماة الثمانينات, او دك المدن كما كان يمارس في لبنان يمكن أن يخمد ثورة. 
لا أحد ينكر أن نظام دمشق يحتاج الى الكثير من العمليات الجراحية, المؤلمة أحيانا, حتى تستعيد الدولة عافيتها وليس النظام, وأولى تلك العمليات أن يصغي جيدا لشعبه, ويلاقيه في منتصف طريق الحق ويختار اصلاح نفسه بنفسه, وثانيتها ان يعود الى أصوله العربية و يقطع الحبل السري الذي يربطه بنظام طهران القذر التي باتت روائح ممارساته الارهابية تزكم الأنوف, لان خلاص سورية الحقيقي في حضنها العربي وليس عبر غرقها في الغي الفارسي, فلا تبقى شاهد زور على عمليات التدمير الممنهج التي تمارسها أصابع إيران في العديد من الدول العربية, ولبنان أقرب الأمثلة حيث هتك “حزب الله” كل الاستار بمباركة ايرانية وغض طرف سوري. 
ان العاقل من يعتبر من الآخرين, واذا كان درس صدام حسين لم يعلم بعض من في العالم العربي, فإن دم معمر القذافي وأولاده لم يجف بعد, وهو اكثر الدروس وضوحا وبساطة لمن يعاندون شعوبهم, وليس على النظام السوري الا الاصغاء جيدا لاخبار سرت وبنغازي ويدرك انه وصل الى نهاية الطريق وان مبادرة الجامعة العربية طوق النجاة الاخير له, التي يجب ان يتعامل معها بجدية وعقلانية حتى لا تدور عليه الدوائر.