عربي وعالمي

هدفها تقسيم الموارد العربية ضمن 3 مشاريع غربية وإيراينة وتركية
هيكل: ما يحدث في العالم العربي ليس ربيعاً.. بل نسخة جديدة لـ “سايكس بيكو”

رأى الكاتب الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل أن ما يشهده العالم العربي هذه الأيام هو نموذج جديد لما عرف بـ “سايكس بيكو” وليس « ربيعاً عربياً » كما يشاع.


وقال هيكل إن « سايكس بيكو » في نسختها الجديدة هدفها لتقسيم العالم العربي وتقاسم موارده ومواقعه ضمن 3 مشاريع، الأول غربي « أوربي- امريكي » والثاني إيراني والثالث تركي بالإضافة إلى نصف مشروع اسرائيلي لإجهاض القضية الفلسطينية.. منوهاً بأن الثورات لا تصنع ويستحيل أن تنجح بهذا الاسلوب باعتبارها فعل لا يتم بطريقة « تسليم المفتاح » من قوى خارجية تطلب السيطرة ولا تريد إلا مصالحها فقط ولا يصح أن يتصور أحد أنها بعد المصالح تريد تحرير شعب
ونوه هيكل في لقاء نشرته صحيفة الأهرام المصرية مؤخراً إلى ان الاعتراف الامريكي الغربي بالاخوان المسلمين لم يأت قبولاً بحق لهم ولا اعجاباً ولا حكمة، لكنه جاء قبولاً بنصيحة عدد من المستشرقين لتوظيف ذلك في تأجيج فتنة في الإسلام لصالح آخرين، مضيفاً بأن نشوة الاخوان بالاعتراف الأمريكي الغربي بشرعيتهم لم تعطهم فرصة كافية لدراسة دواعي الاعتراف بعد نشوة الاعتراف، مسيراً إلى أن ما نراه الآن ليس مجرد ربيع عربي تهب نسماته على المنطقة، وإنما هو تغيير اقليمي ودولي وسياسي يتحرك بسرعة كاسحة على جبهة عريضة ويحدث آثاراً عميقة ومحفوفة بالمخاطر أيضاً
وقال: « ما نراه في هذه اللحظة هو مشروع قومي يتهاوى، وبقاياه تجري إزاحتها الآن، ومشروعات أخرى تتسابق إلى الفراغ، بعد أن أضاع ذلك المشروع مكانه وزمانه ».. وأضاف: « أكاد أرى الآن خرائط كانت معلقة على الجدران ترفع الآن وتطوى، لأن المشاهد اختلفت، فالمواقع العصية تأدبت أو يجري تأديبها والمواقع الضائعة استعيدت أو انها تستعاد الآن، وكل ذلك تمهيد لفصل في شرق أوسط يعاد الآن تخطيطه وترتيبه وتأمينه، حتى لا يفلت مرة أخرى كما حدث عندما راود العرب حلم مشروعهم القومي، وتبدى لسنوات كأن هذا المشروع القومي العربي هو شكل المستقبل.
وأوضح هيكل قائلاً: « على الساحة الآن وبالتحديد 3 مشروعات ونصف.. الأول غربي يبدو مصمماً ولديه فعلاً من أدوات الفعل والتأثير ما يشجع طلابه، والثاني مشروع تركي يبدو طامحاً، والثالث مشروع ايراني يؤذن من بعيد على استحياء، ثم أخيراً نصف مشروع أو شبح مشروع اسرائيلي يتسم بالغلاظة، مشيراً إلى أن المشروع الغربي وهو أمريكي أوربي يزحف على خطين وبحركة كماشة على الجناحين تطوق وتحاصر، الخط الأول مرئي مسموع محسوس ومسعاه اغراق المنطقة في صراع اسلامي – اسلامي، وبالتحديد سني شيعي، وقد بدأ زحف هذا الخط من عدة سنوات، عندما سقط النظام الامبراطوري في ايران، وحل محله نظام الثورة الاسلامية.. أما الخط الثاني لهذا المشروع الامريكي – الأوروبي فهو الخط الموازي لخط الفتنة والذي يزحف بسرعة لافتة حتى يسبق غيره والمتمثل بتقسيم المنطقة على طريقة « سايكس بيكو » مع تعديل ما تقتضيه متغيرات الاحوال
مبيناً أن « الخرائط الجديدة لا توزع إرث الخلافة العثمانية وإنما توزع إرث المشروع القومي العربي الذي تمكن من طرد الاستعمار الغربي في مرحلة سابقة وحاول أن يملأ الفراغ وعجز.. وأن دولة الخلافة العثمانية لم تستطع أن تحمي أملاكها، وهكذا جرى ارثها، وان المشروع العربي لم يستطع أن يحمي نفسه وهكذا اليوم يتوزع ارثه
واستطرد هيكل قائلاً: « سايكس بيكو الأولى كانت خطاً على خريطة، يصل من (الكاف) إلى (الكاف).. الكاف في عكا والكاف في كركوك ويفصل الشمال.. هذه المرة ليس هناك خط فاصل، وانما هناك مواقع متناثرة.. التقسيم في المرة الأولى كان تقسيماً جغرافياً وتوزيع أوطان، ولكن التقسيم هذه المرة تقسيم موارد ومواقع، وبوضوح فإن ما يجري تقسيمه الآن هو أولاً النفط وفوائضه.. نفط وفوائض ليبيا بعد نفط وفوائض العراق
وفي رده على سؤال طلب منه إعطاء نموذج لتطبيق سايكس بيكو الجديدة عملياً على ما يجري الآن في ليبيا، أجاب هيكل قائلاً: « نحن نعلم مما نقرؤه الآن أن نفط ليبيا جرى توزيع امتيازاته فعلاً، وبنسب أذيعت على الملأ، كانت 30% لفرنسا (شركة توتال) و20% لبريطانيا (شركة بريتش بتروليم)، والحصة أقل لأن بريطانيا أخذت أكثر في نفط العراق.. وليست أمامي الآن نسب التوزيع فيما بقي، لكن ايطاليا تطالب بحق مكتسب (شركة إيني)، ثم ان الشركات الامريكية تلح على دخول قائمة الوارثين.. وبعد إرث الموارد هناك.
ثانياً تخصيص المواقع من خلال قاعدة للاسطول السادس في طرابلس لأمريكا ومركز مخابرات في بنغازي وطبرق لبريطانيا، وإيطاليا تحتج بانها تاريخياً تعتبر ليبيا منطقة نفوذ لها، وفرنسا عبر البحر لها مطالبها.. كل هذا وصوت المعارك لا يزال يدوي، وسيل الدماء لا يزال يتدفق.