أقلامهم

خليفة الخرافي: هل مازلنا نعاني ذيول أزمة الحكم؟

خليفة الخرافي 
هل مازلنا نعاني ذيول أزمة الحكم؟
في يوم الأحد 15 يناير 2006 توفي أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الاحمد امير القلوب رحمه الله، وقد تسببت وفاته -خلو منصب الامارة- بتأزم شديد، حيث اصبح ولي العهد المرحوم الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح بطل تحرير الكويت، الذي أصبح أميرا دستوريا على دولة الكويت، وهو الأحق دستوريا لتسلم سدة الحكم، إنما بسبب المرض الذي اقعده وأعياه جسديا وفكريا، فلم يعد قادرا على تحمل عبء الحكم، وأثبت ذلك تقرير لجنة طبية محايدة الذي أحزن الكثيرين لما حواه من معلومات عن ما كان يعاني من مرض منذ فترة طويلة قبل وفاته، وقام بقراءة التقرير وزير الصحة الشيخ أحمد عبدالله الأحمد في قاعة مجلس الامة بجلسة انتخاب الأمير، وما بين وفاة المرحوم أمير القلوب وانعقاد جلسة التصويت لنقل صلاحيات الامارة للأمير الجديد حصل كثير من الأحداث بين جناحي الأسرة الحاكمة الرئيسيين، بعد أن أصاب أحدهما الوهن والضعف وتضعضعت أموره بسبب تعرض رموزه للمرض والوفاة والتهميش فضعف تأثيره.
وتداخلت عدة أمور لم تسر أهل الكويت، أدت إلى نزاعات وتخندقات وجبهات وتجاذبات وتغيير ولاءات ورفض، فالأحداث التي وقعت في قصر ولي العهد في منطقة الشعب شبهها البعض بأنها أقرب للتمرد والعصيان، وسببت احراجات داخليا وخارجيا، وحدث شد وجذب ومناوشات وتشنجات وانقسامات أدت الى تعميق الخلافات، وحاول بعض الحكماء من أهل الكويت التدخل إلا أنهم لم يتمكنوا من التأثير، وفشل مسعاهم لتعقيدات الوضع وللتأزم الشديد بين جناحي الحكم، كما قامت وفود من كبار ابناء الأسرة الحاكمة لرأب الصدع والتوسط لحل يرضي الجميع، إلا انها لم توفق. ولكن بعد مفاوضات وتردد ومماطلة تأخرت كثيرا، وفقوا الى تلبية طلبات بعضهن، وردد البعض وقتها انها قضية كبيرة وليست مسألة حريم وجهال.
وقيل ممن يعرف بواطن الأمور ان سبب الخلاف الرئيسي والوحيد هو البت والاتفاق على منصب مهم جداً، حيث لم تطبق أعراف ومنهج وسلوك متبعة بين أقطاب الأسرة الحاكمة خلال تاريخ الأسرة الحديث.
كما انتشر تسجيل لفيديو يردد فيه المرحوم الشيخ سعد بصعوبة واضحة وببطء شديد القسم الدستوري الملزم به الأمير الجديد، وقد كان النائب أحمد السعدون يصرح ان الدستور لا يلزم الأمير الجديد بأن يردد القسم كاملاً، بينما كان رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي يطالب بتطبيق الدستور حرفياً، وطالب بتقديم تقرير طبي عن الوضع الصحي لسمو ولي العهد، كما انه قبل تصويت مجلس الأمة لنقل الصلاحيات وصل الشيخ فهد سالم العلي وبيده ظرف كبير فيه اختام ورسالة تبين انها بيان التنحي باسم سمو الشيخ سعد رحمه الله، لكنه كان غير موقع وبعدها بساعة حضر الشيخ فهد السعد محاطاً بحراسة مشددة، ومعه كتاب التنحي وفشل مسعاه بسبب تأزم الأمور، وخلال التصويت على نقل الصلاحيات وصل موظف من قصر الشعب مهرولاً يحمل في يده ملفا أبيض تبين ان فيه كتاب التنازل ممهوراً بختم الشيخ سعد، لكنه وصل الى المجلس متأخراً بعد مباشرة التصويت، حيث صوت مجلس الأمة لانتخاب سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه أميراً لدولة الكويت، لانقاذ البلد من أزمة فتم تنصيب الشيخ صباح الأحمد أميراً على دولة الكويت باجماع نواب الشعب، البيان والمعلومات منقولة من أرشيف القبس العدد 11724 بتاريخ الأربعاء 2006/6/25.
منذ ان تبوأ سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر حفظه الله ورعاه، قام سموه بحل مجلس الأمة ثلاث مرات، وأقال ست حكومات جميعها برئاسة سمو الشيخ ناصر المحمد، واجهت سبعة وعشرين استجواباً مع الحكومة الحالية السابعة، والتي وضعها ما زال يتأرجح، فهل أدت هذه الأوضاع الى ان يقدم وزير، عرف بسعة علمه وتواضعه وتهذيبه وترفعه عن المشاحنات، استقالته من منصب وزير الخارجية؟.
***
يرى بعض العارفين ببواطن الأمور ان التأزيم المتكرر – الذي ادى الى اقالة ست حكومات، وحل مجلس الأمة ثلاث مرات وتقديم سبعة وعشرين استجواباً وهناك ثلاثة استجوابات ستقدم غداً لكل من سمو الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء والشيخ جابر المبارك وزير الدفاع والشيخ أحمد الحمود وزير الداخلية – وراءه جهة متنفذة قادرة مالياً تحاول زعزعة أوضاعنا السياسية حتى تتمكن من أخذ مرادها، لهذا سيظل الشحن والتأزيم والتشنج في العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة لفترة طويلة، ولن تهدأ الأمور ولن يحلها إغداق الأموال الطائلة جدا على نواب فاسدين وإعلام فاسد، فلن يحقق ذلك مرادهم من كلا الجانبين، اضافة الى اطماع وغايات لآخرين من بعض أفراد الأسرة الحاكمة، يرون أنهم الأقدر والأفضل والأحق بالمناصب السيادية، فأصبحت كويتنا ريشة في مهب ريح مصالح بعض أفراد فانين، أنعم الله عليهم بنعم كثيرة فلم يستحقوها، لعدم حمدهم الله وشكره على نعمه الكثيرة عليهم، لكن لعن الله الكرسي الذي يذهب العقل كما حصل لطغاة التاريخ إلى يومنا هذا، وخير مثال لنا نهاية الطاغيتين صدام والقذافي اللذين وجدا في جحرين.
ندعو الله خالصين له الدعاء ان يبعد الشقاق والخصام والتناحر بين أفراد الأسرة الحاكمة، ويديم بينهم الرحمة والمودة والوئام لمصلحة أمن وطننا الغالي واستقراره، حتى يدوم الاستقرار والأمن والعدل والحرية تحت راية سمو أميرنا المفدى حفظه الله ورعاه وولي عهده الأمين.
كما قال الشاعر الجاهلي صلاءة بن عمرو بن مالك المعروف بالأفوه الأودي.
تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت
فإن تولوا فبالأشرار تنقاد