أقلامهم

عبداللطيف الدعيج يرد على أحمد الخطيب: الدستور تم احتواؤه أصلا وتحييد معظم مواده منذ زمن على يد قوى الردة وبمباركة الصمت الوطني الديموقراطي

نعم.. لايجوز التنازل عن حق التجمع والتظاهر


عبداللطيف الدعيج


لا اعتقد ان هناك من يختلف مع الدكتور احمد الخطيب في اهمية الحفاظ على الدستور وضرورة التمسك به. وما اظن احدا في عالم اليوم، الذي تتنادى فيه المجاميع في كل البلدان للاحتكام إلى المبادئ الدستورية، ولإرساء قواعد الحكم الديموقراطي، يفكر في تنقيح دستور الكويت «سياسيا» نحو تقليص سيادة الامة او الانتقاص من السلطات «المتواضعة» التي وفرها دستور 1962 لها، خصوصا اذا كان هذا التقليص لمصلحة العودة لحكم «الفرد» ولتعزيز ثقافة الاستبداد السلطوي ومناهجه.
لهذا يبقى ما يتخوف منه الدكتور الخطيب ربما التعديل «الاجتماعي» القادم للدستور، الذي قد يتفق مع الهبة والموجة «الربيعية» التي تجتاح بعض اجزاء المنطقة. فالواضح حتى الآن ان الربيع العربي هو كما لاحظنا نحن منذ بدايته قيظ لاهب وصيف حارق، يستهدف تقييد الانسان العربي وليس تحريره، ترجيع النظم والاحكام وليس تقديمها. اغلب ما تطرحه المجاميع المعترضة على انظمتها في المنطقة، بما فيها معارضتنا «الجديدة»، هو تقليص سلطات الامة وتفويض العادات والتقاليد والزعامات التقليدية او من اسماهم الدكتور الخطيب «المختبئون في كهوف الجاهلية وجهابذة ثقافة وأد البنات» حق السيطرة وحق التحكم المطلق بالشأن العام.
تخوف الدكتور الخطيب من هذا المصير المتوقع للوضع السياسي يبدو واضحا في تركيزه على حق التجمع والتظاهر. فهذا الحق تم استلابه مؤخرا بتعاون الحكومة مع «المعارضة الجديدة»، التي لم تكتف بالخنوع والقبول باستلاب حق التجمع والتظاهر من الجمهور، بل اضفت عليه مباركتها وتأييدها له. لهذا حرص الدكتور الخطيب على التأكيد على ان «الاضرابات والاعتصامات والتظاهرات بوسائل سلمية، هي حق دستوري لا يجوز التنازل عنه»، والمعارضة الجديدة تنازلت عن حق التجمع بعد احداث ديوانية الحربش، والمعارضة الجديدة هي التي تنازلت ايضا عن حق تحديد مكان التجمع، حين قبلت بان تحصر وزارة الداخلية التجمع في ساحة الارادة، والمعارضة الجديدة ايضا هي التي قبلت بإلغاء حق التظاهر حين وافق اقطابها مرارا على حصر «معارضتهم» بكراسي ساحة الارادة.
هذا فهمي لهذا الحرص على حقوق الاضراب والتجمع والتظاهر التي شغل الدكتور الخطيب نفسه بها في هذا الوقت. اما تعديل او تنقيح الدستور «سياسيا» الى الخلف من قبل السلطة، فلا اعتقد ان هناك مجالا له ولا تخوفا منه، فالدستور اصلا تم احتواؤه وتم تحييد معظم مواده منذ زمن على يد قوى الردة، وبمباركة الصمت الوطني الديموقراطي الذي لم يجد طوال العقود الاخيرة، خصوصا التي اعقبت التحرير، غير النفخ الوهمي في قضايا المال العام والملاحقة المزعومة لسراق الناقلات، بينما سراق مواد الدستور يتصدرون العمل السياسي ويحظون بالمباركة والتأييد الى اليوم من قبل بعض رموز العمل الوطني.