بورتريه

الغنوشي .. جدلية الصراع بين الراديكالية والليبرالية

راشد الغنوشي.. زعيم حركة النهضة الإسلامية الفائزة بأول انتخابات ديمقراطية حرة في تونس، بعد سقوط نظام (زين العابدين)، حيث كانت حالة الصدام الدائم التي عاشها مع النظام السابق، سبباً في تفاقم شعبيته لدى صانعي ربيع الثورة التونسية، وحوكم 4 مرات خلال 17 عاماً أثناء العهد البائد، جعلته في النهاية مجبراً على القبول بالمنفى، ليرتحل بين السودان وليبيا والسعودية.. وليختار في النهاية الإقامة في المملكة المتحدة.
ولعل إقامته في دولة أوروبية متفحتة طوال 22 عاماً، جعلته يراجع  أفكاره “الراديكالية”، ليمزج بينها وبين الانفتاح الأوروبي، ما اضطره للتنازل أحياناً عن أفكار متأصلة لدى الجماعات الإسلامية الحديثة، حيث يرى أن للمرأة الحق في الترشح للرئاسة، كونها مواطنة لها حقوق وعليها واجبات، وشرعية تولي غير المسلم أمر المسلمين، وأحقية الشعب في اختيار من يمثلهم بالسلطة، وظهر ذلك جلياً في مؤلفاته: ( نحن والغرب، حق الاختلاف وواجب وحدة الصف، المرأة بين القرآن وواقع المسلمين، حقوق المواطنة في الدولة الإسلامية، الحريات العامة في الدولة الإسلامية، مقاربة في العلمانية والمجتمع المدني، الحركة الإسلامية ومسألة التغيير).
وأثار البرنامج الانتخابي الذي طرحته الحركة بزعامة “الغنوشي” الإسلاميين، عندما طالب بألا يمس قانون حظر تعدد الزوجات، وضمان حقوق متساوية في الطلاق والميراث بين الرجل والمرأة، رغم أن ذلك يتعارض مع الشريعة الإسلامية، بل يتفق تماماً مع التوجه العلماني، ومن بين مرشحات الحركة كانت هنالك امرأة غير محجبة، ويضع “الغنوشي” حركته (النهضة) في وضع مقارنة مع حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بقيادة رئيس الوزراء “رجب طيب أردوغان”.
المثير في شخصية “الغنوشي” أنه مرفوض من قبل معارضيه بشكل كامل، وانتقاداتهم له متعارضة، حيث يصفه العلمانيون بأنه راديكالي خطير، لكن رجال الدين المحافظين يرونه ليبرالياً أكثر من اللازم، ليصلوا إلى حد تكفيره.
وكان للغنوشي صديق مصري خلال سنوات إقامته في لندن.. قال عنه: “السلفيون وبعض من الاخوان المسلمين لا يحبونه، بل قد يقول البعض انه كافر”، ويذكر كذلك مقالات له أثارت غضب الإخوان المسلمين، بينما معارفه القدامى يؤكدون بأنه كان مؤيداً للقومية العربية، ولكنه كحال المثقفين العرب اتجه للإسلام السياسي في فترة الستينات والسبعينات أثناء فترة دراسته في دمشق والقاهرة وباريس.
ويحظى “الغنوشي” بعلاقة طيبة مع رئيس اتحاد العلماء المسلمين “يوسف القرضاوي” كونه عضواً فيها، وكذلك الشيخ “سلمان العودة” الذي قاد حركة إصلاحية في السعودية بداية التسعينات.