أقلامهم

المقاطع: ديموقراطية متناقصة مجلس أعرج

محمد عبدالمحسن المقاطع 
ديموقراطية متناقصة مجلس أعرج..
منذ عام 1962ونحن الكويتيين نفتخر دائما بديموقراطيتنا ومجلس الأمة والانتخابات الحرة، وما نتمتع به من مشاركة سياسية في إدارة شؤون الدولة والحكم، يندر وجود مثيل لها في العالم العربي، لكننا ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم كنا نراوح في مكاننا، بل لحق تجربتنا الدستورية تراجع وتعثرات مؤلمة نالت من مضمونها، واليوم نقف على أعتاب الربيع العربي وما أوجده من واقع جديد في كل من تونس ومصر وليبيا، تتجه بفضله هذه الدول الى نظم ديموقراطية حقيقية وتبني وثائق دستورية فريدة. وقد دشنت تونس بداية هذه المرحلة بانتخاب شعبها لمجلس تأسيسي يوم الأحد 23 أكتوبر 2011، ليضع دستور العهد الديموقراطي الحقيقي الجديد، وهو ما يحق بسببه ومعه للتونسيين أن يفخروا بإنجازهم الجديد وديموقراطيتهم الواعدة القادمة، وستلحق بها كل من مصر وليبيا قريبا. 
أمام هذه التحولات الديموقراطية الحقة في العالم العربي تتضاءل ميزة النظام الديموقراطي المتقهقر في الكويت، وأصبحنا أمام تحد غير مسبوق بضرورة تعزيز ديموقراطيتنا وصيانتها والدفع بها إلى الأمام، أو أننا سنصبح خارج منظومة الدول الديموقراطية الحقيقية في العالم العربي، وهذا يتطلب ما يلي: 
– تصحيح الوضع السيئ الذي وصلت إليه حال الديموقراطية وتركيبة مجلس الأمة المشوهة بتلوث ذمم عدد من أعضائه بأموال سياسية مشبوهة لا يستحقون معها شرف تمثيل الأمة وفقا للمادة 108 من الدستور، ومن ثم لابد من تطهير البرلمان منهم بأحد الحلول المتاحة، وأسرعها حل مجلس الأمة، وإجراء انتخابات جديدة، مع التحفظ على ترشيح كل من كان ضمن الأسماء الواردة على قائمة اتهامات تمنع ترشحهم أصلا، استنادا إلى الدستور وإلى قانون الانتخابات. 
– أن يتولى القضاء، وبصورة حاسمة، عدم التأخر في حسم ملفات الأعضاء المحالين إليه، سواء كان بتهم التربح من مناصبهم أو الرشوة السياسية المحرمة بأحكام الدستور وقانون الانتخابات وقانون الجزاء أو بسبب ضلوعهم في جرائم غسل أموال، وهو ما نأمل أن ينجح القضاء في تكريس حمايته للدستور والمؤسسة التشريعية كما يحدث في الدول الديموقراطية الحقة، حينما نسمع أن القضاء قد أصدر أحكامه في قضايا الفساد ضد أعضاء في البرلمان والحكومة والمجالس المنتخبة. 
– أن ندرك أن الحكومة، وفي مقدمتها رئيسها، يتحمّلون مسؤولية الانتقاص من الديموقراطية ومحاولة تشويهها والفت من عضدها، وأنه لم يعد اليوم مقبولا أن يستمر رئيس وزراء في منصبه صار فقدانه لثقة الأمة قاب قوسين أو أدنى، خصوصا مع مقاطعة 17 نائبا لجلسة انتخابات لجان مجلس الأمة وامتناع اثنين آخرين عن المشاركة في الترشح لعضوية اللجان، وهو ما يلقي بظلال من الشك حول شرعية لجان مجلس الأمة التي لم تتوافر لها شروط قررتها بعض مواد اللائحة الداخلية، وهو العدد اللازم لتكوين اللجنة، حيث إن بعض اللجان لم يتوافر لها العدد اللازم لتكوينها. والاكتفاء بعدد أقل لمقاطعة بعض الأعضاء عن الترشح للعضوية يثير سؤالا حول مدى سلامة وضع تكوينها يوم انتخابها، فضلا عما يثيره نص المادة 45 باشتراط أن يشترك كل عضو من أعضاء المجلس بلجنة على الأقل بنصه على «وينبغي أن يشترك كل عضو من أعضاء المجلس في لجنة على الأقل»، وما قررته أيضا من عدم اشتراكه في أكثر من لجنتين دائمتين، وهو ما يصيب اللجان بوضع غير سوي دستوريا. 
– أن نبادر إلى تطبيق النظام البرلماني بأصوله كما تم تبنيه من قبل واضعي الدستور، فيصبح رئيس الوزراء شعبيا، ويقتصر دور الأسرة الحاكمة على منصبي الأمير وولي العهد، وأن يصبح مبدأ تداول السلطة واقعا حقيقيا تفعيلا لأحكام المادة 6 من الدستور، بجعل منصب رئيس الوزراء متداولا شعبيا، وكسر احتكار الأسرة لوزارات بعينها يطلق عليها في الكويت «وزارات السيادة»، حتى لا تصبح ديموقراطيتنا متناقصة ومجلسنا أعرج في ظل ديموقراطية تعيشها دول عربية قريبا بعد أن هبّت عليها رياح الربيع العربي. 
اللهم إني بلّغت،،