سبر القوافي

حفظك الله في قلوبنا يا سلطان

سلطان في الحب والخير والإنسانية، أميرنا ووليّ عهدنا في السابق، عبدك يا الله سلطان بن عبدالعزيز، تقلد عدة مناصب في مسيرة حياته الحافلة والمشرفة، أحد الأخوة يدعى أحمد عددها أمامي بالترتيب، فصدّقته بعدما كذّبته في مسألة قوة ذاكرته ما شاء الله،  هو علم من الأعلام المُهمة في شبه الجزيرة العربية، منذ عام 1349 يتنفس أبو خالد الأكسجين ويخرج ثاني أكسيد الكربون إلى عام 1432، منذ عام 1931 ينبض قلب أبو خالد للعالم بِحُبْ وسلام بشتى أنواعه وفروعه إلى عام 2011، أبي ووالد الجميع عمل كثيرًا وسهر وضحى من أجل شعبه الكريم، أنا أرى أن سلطان بن عبدالعزيز لم يخلقه الله للعبادة فقط، بل ليعلمنا كيف تكون الإنسانية، يا صاحب الكف العطوف الحنون الرحيم والقلب الذي يتسع للعالم نقاءً وابتسامة تُسعد من يرمقها وتشرح صدره، في غيابك غلبتنا الدموع ومن لامنا في ذلك هو غلطان يا سلطان.
 كل الأوفياء يُحبونك ويذكرون جيدًا كل جميل قدمته بكل مراحل حياتك ويدعون الله أن يُسكنك الجنة ويُحسن معاملتك كما أحسنت معاملة شعبك وشعوب البلدان العربية وغير العربية، بعض البلدان الشقيقة والصديقة أكرمتهم حتى أصبح الحب لا يقتصر فقط في وطني، بل يتسع عامرًا في كل الأوطان، لله درك يا سيدي الحاضر دومًا في قلبي، فتحت قلبك للجميع وآمنت بالعطاء فنلت ما تريد من حُبّ وتقدير واحترام.
 مكانك في القلوب آمن لا تهزّه رسائل الإشاعات المزيفة من الضعفاء الحاقدين الذين لا يعرفون أنفسهم حتى يعرفون من يكون سلطان، محاسنك يا سمو التسامح لو أعددها سأتعب وأخشى نسيان حسنة من حسناتك، الفقراء وحدهم يعرفون الطريق إليك بعد الله، حفظك الله في قلوبنا يا سلطان الخير، لن تُغادرني ابتسامتك التي أشاهدها في كل مناسبة وطنية أو غير وطنية، أطفالنا يحبونك يا سلطان، بل كل أطفال العالم يشتاقون إليك في حضرة الغياب لا يملكون، وليس بمقدورهم إلا الدعاء لك بالمغفرة والرحمة وجنة عرضها السموات والأرض، جوانب حياتك مؤثرة والأكثر تأثيرًا ذلك الجانب الإنساني الملموس في الواقع والجميع يشهد على ذلك ولا يختلف عليه، سطور الكُتّاب والشعراء والأدباء تبكيك يا سلطان، يوم وفاتك نقطة سوداء في تاريخ المملكة العربية السعودية، تلقيت خبر وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز من أمي الغالية – الله يحفظها ويبارك في عمرها – نزل الخبر على مسامعي كالصاعقة ورُدّت بصدمة قوية تضاعفت وما ضعفت أو خفّت إلا بعد مرور الأيام، أمي سامحها الله تُسمعني أخبار سارة ومحزنة، أُحبك يا أمي، ولكن مثل هذا الخبر لا أتمنى سماعه يومًا.
 أبو خالد حُبك يحتل مساحة كبيرة في قلوب محبيك ومن ضمنهم أنا؛ لما منحته لليتامى والفقراء والمساكين والمحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة وكل من حوّلت بؤسه ونفّست كربته بعد الله، ثق بأن العالم لن ينساك أبدًا يا أبا خالد، بالنسبة لي لم يحصل شرف لقائك، لكنني في الخيال رسمت اللقاء بيني وبينك، صباح الفاجعة من يوم السبت شعرت مملكتنا الحبيبة بضيق في صدرها ودموع ساخنة أخذت طريقها إلى الخروج والنزول من العين، تنفس الشعب السعودي خصوصًا وكل شعوب العالم أجمع الاختناق على رحيل ركن من أركان بلادي الحزينة مؤقتًا على رحيلك عن وجه الدنيا، الحزن ليس دائمًا هو كالثوب نرتديه ثم نخلعه بعد فترة.
 يا من تعلمنا منك البساطة، لن أسرف في الحزن؛ لأنني أعلم بأن مصيرك جنة الخلد بإذن ربك، الحمد لله وحده بأن تخلّصت من دنيا العكر والمشاكل والهموم إلى آخره يا والدي سلطان، نحن الأيتام فعلاً فقدنا لمسات أبوّة لا تعوّض بثمن، تبنيّت المعاقين فبنوا لك اليوم قصرًا من الدعاء لك وسيظل هذا المشروع قائماً ومذكوراً حتى آخر ثانية في الدنيا، وكم هو رائع بأن هذا العمل شاهدٌ لك يوم القيامة لا عليك، أريد بضع صفحات من الصمت الآن؛ لأنني أشعر بخيانة الكلمات والمفردات الساحرة والجميلة، لن تصلهم رسائل النوم ولا النعاس أيامًا أولئك الذين ذكرتهم آنفًا كنت نقطة تحول في حياتهم , أفتقدك كثيرًا وسأفتقدك ولن أمتنع عن ذكرك , الأمير سلطان مجموعة إنسان وليس إنسان فحسب، من حق هذا الأسبوع أن يعبر بلا روح جميلة ضاحكة مُبتسمة على كل من يُحبك وكلنا نُحبك، سلطان يا حزن الملك والشعب، رحمك الله رحمة واسعة وغفر ذنبك ويسر حسابك وأسكنك فسيح جناته وجعل قبرك روضة من رياض الجنة، اللهم آمين.
 
 فيصل خلف
faisalbinkhalaf@