أقلامهم

رغم اقتناعه بأن استخدامها خطأ إلا أنه مقتنع بأن السلطة تقولها “طز في الشعب” .. محمد الدوسري

محمد مساعد الدوسري
طز في الشعب 
في العام 2006 أثار المرشد العام للإخوان المسلمين زوبعة سياسية أشغلت مصر لفترة من الزمن، بعد أن نشر لقاء معه في مجلة روز اليوسف جاء ضمن إجاباته فيه عبارة “طز في مصر” على خلفية سؤاله عن أهمية أن يحكم مصري الجمهورية، وهو ما دفع عاكف للقول أن المهم هو أن يحكم مسلم الجمهورية “ وطز في مصر”، إلا أن المرشد أنكر هذا القول وأكد أنه مفبرك، لكن ذلك لم يوقف النقاشات حول العبارة منذ نشرها حتى اليوم، ولكن ما علاقة ذلك بما يجري لدينا في الكويت؟.
هناك في بلادنا من قال “طز بالشعب”، وإن لم ينطقها بشكل مباشر، إلا أن تطبيقاتها على أرض الواقع تثبت استخدامها عمليا، بعد سلسلة من حلقات تجاهل الشعب الكويتي ومطالبه الدستورية والحقوقية والمعنوية، ولا أدل على ذلك من اجتياح الإضرابات لقطاعات الموظفين والعمال كافة في الدولة، والتعامل السطحي والتهميشي مع هذه المطالب التي لم تصدح بها الحناجر إلا بعد رؤية الشعب لتفشي الفساد في أركان الدولة، وتوسع شبهات سرقة الأموال العامة في أكثر من قضية، حتى وصل الأمر إلى اختطاف إرادة الشعب من خلال رشوة ممثليه في مجلس الأمة.
تجاهل شعب بأكمله، أو لنكن منصفين، تجاهل أغلبية من أبناء الشعب، واعتبار مطالباتهم بإنهاء الفساد في الدولة جزءا من التمرد والترف الفكري، يمكن تفسيرها بأنها “طز” كبيرة توجه للشعب بلا أي استحياء أو خجل، فالسكوت عما أثير من قضايا وفضائح مليونية، هو تجهيل وتسفيه لعقل شعب يطالب بالاقتصاص من الفاسدين المرتشين، ومعاقبة سراق المال العام، وإبعاد الفاشلين عن إدارة الدولة، وإنهاء حالة الشتائم المتكررة في الإعلام المدعوم من شخصيات معروفة سلفا لكل مواطن عادي، فهل بعد كل ذلك يتعامل أحد مع الشعب بمنطق “الطز”.
شخصيا أشعر بالأسف أن يكون هذا هو رد الفعل الحقيقي تجاه مطالب الشعب، بل إنني أشعر بالخجل من استخدام هذه العبارة التي لا يجوز استخدامها في الحوارات الثنائية بين الأصدقاء، فما بالك في الإعلام والصحافة، إلا أن حقيقة وجود من يستخدم منطق هذه الكلمة هو أمر يجب كشفه للشعب الكويتي العزيز، الذي خرج طوال شهور مضت للمطالبة بحقوقه، فتمت مواجهته بكلمة “الطز” الشهيرة، ولتعلموا كيف يتم ذلك فلكم أن تقرؤوا خطاب الحكومة في جلسة مجلس الأمة، وكيف يتم تجاهل غضب ممثلي الأمة، وقبل ذلك، انظروا كيف تتعامل أجهزة الأمن مع تجمعات الكويتيين والحشد الكبير لرجال الأمن حولها ومحاولة ترهيبهم، ونهاية لتركزوا قليلا على فضيحة الإيداعات المليونية والتحويلات الخارجية، وانظروا لرد فعل الحكومة حتى الآن، فهي لم تجب أو تنطق أو تعاقب أو تحاسب المتسببين في هذه الفضائح، فهل بعد كل ذلك يختلف معي أحد في أن هناك من يقول “طز بالشعب”؟.