أقلامهم

صالح الغنام: “الإخوان” يستحقون تعظيم سلام, لأنهم ملوك في السياسة

صالح الغنام
“فوبيا الإخوان”
ما شاء الله, تبارك الرحمن, “هاليومين سوق الإخوان قايم”, في جميع وسائل الإعلام العالمية. “تبون الصج? يستاهلون”! نعم “يستاهلون”, فهم لم يصلوا إلى زمننا هذا, الذي يمكن وصفه بزمن الحصاد “الإخونجي” إلا بطلوع الروح, وهم لم يترددوا مطلقا في استخدام أي وسيلة تحقق لهم مآربهم, سواء كانت مشروعة أو ممنوعة, فالمهم أن  يصلوا, وها هم قد وصلوا. “الإخوان المسلمون” من يوم يومهم شطار, وهم يجيدون اللعب بالبيضة والحجر, وبارعون في التقية والتلون والخداع والانتهازية والمداهنة, ويعرفون متى يرفعون رؤوسهم, ومتى يتوارون وينسحبون ويتراجعون. هم أذكياء بالفطرة, ولو أن تيارا سياسيا تعرض لربع ما تعرض له “الإخوان المسلمون”, من خنق وتشريد وتضييق واضطهاد, لتلاشى واندثر, واختفى من دون أثر.
“الإخوان المسلمون” هم “فزاعة” الأنظمة الحاكمة, وهم “فوبيا” لعدد كبير من البشر, لأنهم بصريح العبارة “طلابة حكم”. وأعرف صديقا من شدة هلعه وبغضه ل¯ “الإخوان” أنه يتهمهم في كل شيء, حتى وإن شكا له أحدهم زحمة المرور, رد عليه بأن “الإخوان” هم السبب. مع مبالغة صاحبنا هذا, إلا أن تخوفاته فيها شيء من الصحة, ف¯ “الإخوان” متغلغلون في كل جحر, ولهم بصمة في كل شبر, وهم ليسوا كغيرهم من التيارات السياسية الغبية, التي تحرص على المناصب القيادية العليا لتحقيق مكاسب سريعة, بل هم أذكى من ذلك بكثير, فعيونهم مسلطة على المواقع الدنيا والوسطى, كونها أطول عمرا, ولأنها مطبخ القرار ومكمن الأسرار, ووجودهم فيها يمكنهم من التوسع أفقيا, بزرع وتفريخ أتباعهم فيها, وفي هذا ضمان لسيطرتهم على مقدرات الدولة, بعكس المناصب القيادية العليا التي من الممكن فقدانها في أي لحظة صدام مع الدولة!
“الإخوان المسلمون” مخ, وذكاء, ودهاء, ورغم اشتغالي عليهم بالنقد والتحذير منهم, إلا أنه لا يمكن لي إخفاء إعجابي بهم. فهم مجرمو سياسة, ويحار المرء في تفسير مواقفهم, فمن جهة, معلوم أن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين, حليف مخلص لأميركا وإيران, وقد بشر خامنئي بنفسه في خطبة شهيرة بوصول “الإخوان” إلى السلطة وبدعمه لهم, ومن جهة أخرى, يتركون لفروع التنظيم في بقية الدول, حرية اتخاذ مواقف سياسية ¯ وإن بدت مخالفة لتوجهات التنظيم الأم ¯ وذلك وفقا لظروف كل دولة, يعني عبقرية ما مثلها عبقرية. وأجمل ما يميز “الإخوان”, أن رجل الشارع العادي لا يميزهم, فهم وإن رفعوا الدين شعارا, إلا أن معظمهم لا يتقيد بالشكل التقليدي للإنسان المتدين, وهذا وفر لهم أريحية وسهولة للتحرك والتغلغل في أي موقع يختارونه, من دون أن يلفتوا الأنظار إليهم.
في الكويت, مثلا, تمكن “الإخوان” من اختراق جميع التيارات والتجمعات السياسية, بما فيها التكتلات التجارية والقبلية, وعندما أقول جميعها, فأنا أقصد ذلك حرفيا. ولكم أن تتخيلوا ما فعله “الإخوان” بغريمهم التقليدي, وأعني هنا “السلف”, فبعد صراعات ومنافسات بين التيارين, لم يجد “الإخوان” بدا من تفكيك “السلف” من الداخل, وفعلا نجحوا في اختراقهم, وتمكنوا من غسل أدمغة بعضهم, فكانت “الحركة العلمية السلفية” هي نتاج نجاحهم. “الإخوان” يستحقون تعظيم سلام, لأنهم ملوك في السياسة, وفي تحريك الساحة, فكل ما ترونه اليوم, هو من شغل وترتيب “الإخوان”, حتى الإيداعات المليونية, هم وراءها, وإن ظن البعض أن وسيلة إعلامية ليبرالية هي من نشرت الخبر, فلكم أن تعرفوا أن الآمر الناهي في تلك الوسيلة الإعلامية, تاجر “إخونجي”… ورب الكعبة “الإخوان” إبداع!