أقلامهم

جاسم بودي يرد على نبيل الفضل: الحريات العامة وعلى رأسها حرية التعبير ستبقى هوية كويتية والفريق الذي يمثله مسلم البراك جزء أصيل في الحياة العامة

صك على “مسلم”!


جاسم بودي


انتقدني الزميل الكاتب نبيل الفضل في برنامج تلفزيوني قائلا إن جاسم بودي فاتح وسائله الإعلامية «بحري» لمسلم البراك والمعارضة، محاولا اختصار بعض جوانب الأزمة السياسية القائمة في الكويت بالانفتاح الإعلامي وملمحا بطريقة غير مباشرة إلى أن تصعيد المواقف ما كان يمكن أن يتم بالشكل الموجود لولا ذلك الانفتاح.
كلام الزميل الفضل يحتاج ردا من شقين: عام وشخصي.
في الشق العام، استغرب كيف يمكن للفضل وهو القارئ النهم والمسافر الذي لا يتعب، الربط بين حرية الإعلام وبين تقدم أو تراجع المواقف السياسية، فالعالم تغير كثيرا وثورة الاتصالات والمعلومات تهدم ألف جدار كل يوم، ناهيك عن أن أنظمة الإعلام الواحد الديكتاتورية القمعية ما عادت تستطيع الصمود امام مقطع فيديو مأخوذ بكاميرا الهاتف المحمول أو صورة قتل مأخوذة من ساعة يد.
ثم إن الحريات العامة وفي قلبها حرية التعبير كانت وستبقى هوية كويتية، والفريق السياسي الذي يمثله البراك والمتحالفون معه هم جزء أصيل وأساسي وجوهري وضروري في الحياة العامة سواء اختلفنا معهم أو اتفقنا، فالتباين من سمات الحياة والمنابر المفتوحة تستطيع أن تصحح الاسلوب حتى ولو كان صادما، تماما مثلما ان الديموقراطية الحقيقية تطور نفسها بالمزيد من الديموقراطية.
لذلك، فإن اعتبار انفتاح «الراي» على الرأي والرأي الآخر هو شرف لا ندعيه، وفي إمكان النائب البراك وغيره اطلاق مواقفه السياسية من أي منبر أو ساحة. سواء من خلال اللقاءات المباشرة مع الناس، وهو حق كفله الدستور، أو من خلال وسائل إعلامية أخرى، أو حتى عبر وسائط التواصل الاجتماعي الالكتروني وما أكثرها حتى الآن.
وعليه، فان المتوقع من الزميل الفضل كان ان يستغرب لماذا تغلق المنابر الإعلامية امام الفريق السياسي الذي يمثله مسلم البراك لا أن ينتقد فتح «الراي» ابوابها على «البحري» له.
هذا في الشق العام، اما في الشق الخاص فـ «الراي» ولدت كصناعة إعلامية لا كهدف سياسي، والصناعة الإعلامية الحقيقية تقتضي الانسجام الكامل مع شعار «الخبر للقارئ والرأي لصاحبه». انها حسبة إعلامية تجارية مهنية لا مجال للتوسع في عرض تفاصيلها الآن، لكن التجربة اثبتت فاعليتها وانسجام ما قمنا به على مدى الاعوام الـ16 الماضية مع الشعار الذي رفعناه وهذا وحده يرضينا… حتى لو لم يرض الآخرين.
كان يمكن بكل بساطة أن أنحاز إلى طرف. أن أريح نفسي وفريق العمل معي واختصر الوقت والجهد و«الكلفة». أن أرتدي اكثر من ثوب في اليوم الواحد حسب اللقاءات والمصالح. ليبيرالي هنا ومتدين هناك ويساري في مكان ثالث وحكومي في مكان رابع ومادح «الشيوخ» في مكان خامس… ففي الكويت تغيير الجلود صار التجارة الاربح.
وفي الشق الخاص ايضا هناك مسلم البراك (ابو حمود)، فهذا الرجل لا اتفق معه في الكثير من الامور الا انني لا يمكن شخصيا ان اتصور الساحة السياسية الكويتية من دونه، فارسا يصول ويجول، يتقدم ويتراجع، يصيب ويخطئ، يسير مع الشباب هاتفا من الصفاة إلى «الارادة»، ويسير مع الشياب من وزارة إلى اخرى متابعا مصالحهم محققا آمالهم.
رضينا أم اعترضنا، هو النائب الأكثر شعبية في الكويت. صوت لا يكل وحراك لا يمل. لا سقف لصوته ولا حدود لحركته. تشعر أنه يخوض معركة حقيقية من أجل قرار ثم يدهشك كيف يبتسم واصلا الود مع من كان «يقاتله» قبل لحظات. ثم إن «أبو حمود» يمتلك صفات لا يملكها كثيرون بل حتى بعض من في المعسكر الذي ينتمي اليه. فهو لا يحقد ولا يعرف الحقد، والجميع تابعوا كيف تعامل مع كل محاولات طعنه تحت الحزام قبل الانتخابات وخلالها وبعدها. يطوي الصفحة ويعتبر اليوم الجديد معبرا للتسامح والتسامي لا للتشفي والانتقام كما يفعل غيره. إضافة إلى ذلك فالرجل عندما يحارب الفساد المالي يفعل ذلك عن قناعة لأنه لم يتلوث في قضية فساد، بل هو أكثر المنسجمين مع أنفسهم في هذا الملف.
أيضا وأيضا، مسلم البراك ليس بوجهين، ولا يقول غير ما يضمر. مواقفه في المجالس الخاصة مع زملائه النواب هي نفسها مواقفه عندما يلتقي أصحاب القرار، فالرجل قانع بمركزه ودوره وخدمة الناس من موقعه… ولا يمتلك أجندة للوصول إلى الرئاسة أو الوزارة.
ويا حضرة الزميل الكاتب الأستاذ نبيل الفضل. نعم، لا أتفق مع مسلم في الكثير من مواقفه، وآخرها على سبيل المثال لا الحصر ما جاء على لسانه ضد سمو رئيس الوزراء في مهرجان «الارادة». كان يمكن أن يعلن ما يريد انما بأسلوب قريب للكويت وليس «غريبا» عنها. بلغة راقية توصل الرسالة بأقصر الطرق لا بلغة الفجور في الخصومة، وكذلك الحال بالنسبة إلى رفضه مصافحة سمو الرئيس، وأيضا مجاراته الغرائز الشعبية كلها بدل مواكبة التحركات الشعبية بالتجربة والحكمة وتقنينها وتوجيهها في الاتجاه الصحيح.
ويا حضرة الزميل الفضل. تبقى نقطة في موضوع «فاتحها بحري» لا علاقة لها لا بمنهجية التحليل ولا بموضوعية النقد ولا بكل ما سبق ذكره. نقطة صغيرة جدا لكنها تمنعني من «الصك» على مسلم البراك وهي أنني… أحبه وأعتز بصداقته.