أقلامهم

د.حسن جوهر: وزارة الداخلية دخلت عالم التغريد في مواقع التواصل الاجتماعي ولكن يعقلية الخمسينات التي لا تؤمن إلا بالبطش والخيزران والتهديد والوعيد

عندما يغرد وزير الداخلية


د.حسن عبدالله جوهر


يبدو أن وزارة الداخلية دخلت عالم التغريد في المواقع الإلكترونية ومنتديات التواصل الاجتماعي، ولكن من الباب الخلفي وبعقلية الخمسينيات والستينيات التي لم تكن تؤمن إلا بأسلوب البطش والخيزران والتهديد والوعيد!
وأمام حالات الملاحقة والاعتقال بالجملة أصبح وزير الداخلية يغرد خارج السرب، ويضع نفسه أمام إحراجات سياسية وقانونية قد تكلفه الكثير، وسواء كانت هذه الممارسات البوليسية من “عنديات” الوزير نفسه أو كانت بتوجيهات حكومية أو كانت من بعض مستشاريه فإن تبعاتها ستلحق به الضرر وحده، فمثل هذه الحملة تفتقر إلى المظلة القانونية، والتجارب السابقة في هذا الملف بيّنت بشكل جلي هذه الحقيقة، وبراءة المغردين في ساحة القضاء خير دليل على ذلك.
ولذلك فإن الهدف من هذه الملاحقات لا يتعدى كونه أداه تأديب وتهديد و”مرمطة” وإظهار العين الحمراء، وهذه الأداة أيضاً ولّى عصرها تماماً ولا يمكن السيطرة على عشرات الآلاف من الشباب، وهم يعرضون آراءهم وانتقاداتهم مهما كانت موجعة في عالم خاص بهم يمتلكون زمامه ويتحكمون بآفاقه في عصر الانفتاح التكنولوجي غير المحدود.
والمادة الإعلامية اليوم التي تعتبر عصب منتديات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي تتعلق بحجم الفساد الكبير الذي يشهده بلدنا طولاً وعرضاً وبشكل يندى له الجبين، وبالنتيجة فإن الآراء والتعليقات تكون حادة وقاسية ومشحونة بحماسة شبابية، وبالتأكيد هي مؤلمة وتعكر مزاج المسؤولين.
وقد لا نتفق مع الكثير من الآراء والتعليقات والانتقادات الشبابية أو لغتها التي تخرج عن حدود اللياقة، وقد يشملنا “طشارها” ليل نهار، لكنها تبقى في فضاء واسع ومتسارع لا يمكن احتواؤه، فما بالك عن مواجهته والدخول في معركته التي تعتبر خاسرة بكل المقاييس؟
وكم كنت أتمنى أن يكون الشيخ أحمد الحمود وهو يتولى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء عموداً من أعمدة الإصلاح ومواجهة الفساد المستشري أمام نظر الحكومة، الأمر الذي كان يقيناً يدفع بتغيير اتجاهات شباب الإنترنت و”التويتر” إيجابياً لمصلحة البلد ولنتباهى بقدرتنا على كشف رموز الفساد والرشوة وردعهم بدلاً من السماح بزج مسند الإمارة كوسيلة للانتقام من هؤلاء الشباب.
ونصيحة نقدمها للوزير الذي بات حريصاً على حضور الاعتصامات في ساحة الإرادة والوجود عند الدواوين أثناء الندوات السياسية والسماح لغير الكويتيين بالخروج في مظاهرات سياسية خلافاً للقانون، أن يدخل عالم “التويتر” ويتابع بنفسه هموم الشباب وحرقتهم على بلدهم بدلاً من الزج بهم في الزنزانات وتلفيق التهم لهم وهو يعلم علم اليقين ببراءتهم أمام القضاء!