أقلامهم

د.يعقوب الشراح يطلق صرخة استغاثة: خلصونا من النواب القبيضة


خلصونا من القبيضة


د. يعقوب أحمد الشراح


من الملام في مسألة الايداعات المليونية، هل الناخب أم النائب أم مؤسسة الدولة؟ الناخب اليوم أصبح أكثر يقظة ووعياً بعد أن صدم بالايداعات المليونية رغم انه أوصل النائب غير النزيه الى قبة البرلمان من دون إدراك لما في النفوس، وبالتالي جاءت النتائج غير المتوقعة جراء اختيارات غير موفقة في انتخابات المجلس النيابي. فليس من السهل سبر أغوار الضمائر لأنها من الغيبيات ولا تظهر على العلن إلا باستقراء الأحداث ورصد السلوكيات المخالفة من بعض أعضاء المجلس النيابي التي تمس سمعة المؤسسة التشريعية، في وقت ينظر الناس الى هذه المؤسسة على أنها صورة لمؤسسة تتصف بالنظافة والقدوة لأن من مهامها الأساسية محاسبة الحكومة على الاختلالات، والرقابة على أعمالها، وإصدار التشريعات التي لا تطور البلاد فقط في ميادين التنمية العمرانية والصناعية والتجارية والصحية والتعليمية والخدماتية وغيرها، وإنما أيضاً تضع التشريعات التي تحارب الفساد وتمنع حدوثه على مختلف أوجهه وانعكاساته.
هؤلاء القبيضة، حسب ما نتابع من مجريات المشهد السياسي وحديث الناس أنهم، لن يكونوا في قبضة القانون، وسيجدون وسائل كثيرة للهروب من مصيدة الحقائق التي أظهرتها الجهات المختلفة حول تضخم ايداعاتهم في البنوك وبصورة مكشوفة، وستأتي النتائج مخالفة عن التوقعات. والله أعلم الى ماذا ستنتهي الأمور تجاه أزمة من النادر ان تحدث في البرلمانات الديموقراطية.
والقبيضة أو غيرهم لا يعني الايداعات المليونية فقط، فهناك قبيضة حصلوا على أشياء من الدولة لاحق لهم فيها مثل العقارات والمزارع والترسيات على المناقصات وتعيينات أقاربهم في المراكز المتقدمة وغيرها لدرجة انه يصعب حصر ساحة الاستفادة غير المشروعة والتكسب على حساب الناس البسطاء الذين وضعوا ثقتهم بالمجلس النيابي، لكنهم انصدموا اليوم بنواب كشفوا أنفسهم وبكل وضوح أنهم حصلوا على أموال وامتيازات تمثل خروجاً عن الأخلاق والقوانين، ومساساً بالناخبين والدولة.
إن الدولة ممثلة في السلطة التنفيذية المسؤولة عن محاربة الفساد تجدها تساهم في اتساع دائرة الفساد من خلال اتاحتها السبل لتحقيق ذلك، وبعدم تطبيقها للقوانين بجدية وحزم. ان هذا الواقع الأليم بقدر ما فيه من ايذاء وألم فيه أيضاً قدر كبير من التسيب والانفلات ليس على مستوى الأفراد فقط، وإنما أيضاً تدهور سلوك الادارة الحكومية والمؤسسة التشريعية. نتمنى على الناخبين أن يدركوا الآن حجم الأخطار وأن يعملوا على تلافي كل ما يفسح المجال لفساد الضمائر، وخاصة لدى بعض النواب الذين وضع الناخب ثقته فيهم، لكنه اكتشف الانحراف الواضح في الحفاظ على الأمانة والثقة بشكل غير مقبول والمسيء للدستور.