أقلامهم

فيصل الزامل: آخر إسهامات إسرائيل في استقرار المنطقة هو دخول جيشها إلى سوريا لمساعدة بشار الأسد في حملة القتل الجماعي ضد الشعب السوري

“الأمريكاني”.. والشرق الأوسط


فيصل الزامل


بقدر امتناننا لاميركا في موضوع المستشفى الاميركاني ـ مقال الامس ـ فاننا نستغرب من حجم ونوع الدعم الذي تقدمه لاسرائيل، حيث تضغط الآن ادارة اوباما لزيادة الدعم الى 30 مليارا على مدى السنوات العشر القادمة، يقول مساعد وزيرة الخارجية الاميركية عن هذا الدعم: «نحن لا نقدم هذا الدعم كنوع من العمل الخيري ولكنه لضمان استقرار أمن المنطقة»، من يقرأ هذا التبرير يشك في أنه يتحدث عن منطقة الشرق الاوسط التي تغلي منذ قيام اسرائيل وبسببها، وآخر مساهماتها في استقرار المنطقة (….) هو دخول الجيش الاسرائيلي الى سورية لدعم بشار الاسد في حملة قتل جماعي لمواطنين عزل، وفي اسرائيل نفسها يحرس الجيش الاسرائيلي عمليات تفريغ البيوت الفلسطينية من ساكنيها وهدم تلك البيت لاقامة مستوطنات فارهة مكانها، ومع ذلك يعتقد مساعد وزير الخارجية أن هذا البطش يخدم الاستقرار، ويتجاهل حقيقة أن الاطفال الذين يشاهدون أهاليهم يبيتون في العراء سيفعلون أي شيء للانتقام، حالما تواتيهم الفرصة.
يجب أن يستيقظ الضمير الاميركي «الحكومي» من أوهام تقول إن دعم اسرائيل يمنع انتشار الارهاب، العكس تماما هو الذي حدث على مدى ستة عقود من الدعم، ففي الجانب العربي هناك تطرف يساري تلاه تطرف ديني في رد فعل مباشر للتطرف الديني العنصري اليهودي الذي مارس التفرقة العنصرية بين السكان في اسرائيل ـ ليس العرب فقط، بل حتى اليهود، شرقيين وغربيين ـ وأعلنت نفسها «دولة يهودية» في مصادمة عنيفة لجوهر مفهوم الديموقراطية الغربية الذي تعمل الولايات المتحدة على نشره في الشرق الاوسط، هذا المفهوم الذي يحارب قيام الدولة على أساس ديني ويدعو لنموذج الدولة المدنية.. الخ، لماذا لا تشمل هذه الدعوة اسرائيل؟


يقول مساعد وزير الخارجية: «تتشارك الولايات المتحدة واسرائيل في المصالح منذ ستة عقود» ونحن نتساءل عن تفسير كلمة المصالح، فليست لدى اسرائيل ممرات مائية هامة مثل قناة السويس أو قناة بنما، وهي ليست مصدرة للنفط، السلاح الاميركي الذي تشتريه اسرائيل يدفع فاتورته المواطن الاميركي وليس الاسرائيلي، فأين المصلحة التي يحققها هذا الدعم؟ ومع ذلك فلن نحلم بايقاف الدعم ولكن نأمل أن تؤهل تلك المليارات واشنطن لفرض احترام قرارها «هي» بوقف المستوطنات والذي لم تلق له اسرائيل بالا منذ عهد الرئيس كلينتون.


أرجو ربط هذا المقال مع مقال الامس ـ بالنسبة للقارئ الاميركي ـ فنحن لا نكن الكراهية للولايات المتحدة بقدر ما نحفظ لها الكثير من الود، ومن أمثالنا المحلية «صديقك من صدَقك، لا من صدّقك» ـ الثانية بتشديد الدال ـ لا يجوز ترك المواطن الاميركي في حالة استغراب لحجم الكراهية التي يستحق عكسها لمشاركته في تحرير عدد من دول المنطقة، والسبب هو دعم لاسرائيل، مهما فعلت وكيفما شاءت.


آن الاوان أن تستبدل الولايات المتحدة دعمها لدول المنطقة من قطع السلاح الى مشاريع تنموية تشابه ما تفعله الصناديق التنموية المحلية، طرق وسدود ومستشفيات وجامعات ومشاريع صرف صحي ومحطات كهرباء، وهي كفيلة أولا بتجفيف منابع الارهاب وثانيا ببناء أرضية مشتركة حتى مع اسرائيل تفتح الباب لحوار جاد حول السلام القائم على المنافع المتبادلة، جربوا هذا الطريق، فدعم التسليح زاد من انتشار الحروب ولم يحقق الاستقرار الذي تتحدثون عنه، حاولوا التخلص من ضغوط شركات السلاح، فالايرادات التي تحققها تلك الشركات تمثل السبب الاول للعجز المالي الهائل للولايات المتحدة، عجزا يهدد بقاءها «الدولة الاقوى في العالم».. أين عقولكم؟