محليات

مطالبين بمحاسبة المتورطين قبل أن يحولوه إلى حبر باهت على ورق بال
“الخريجين”: مجدداً.. أعداء الدستور يلجأون إلى سلاح الأغلبية لفرض الهيمنة

أكدت جمعية الخريجين في الذكرى التاسعة والأربعين لإقرار الدستور على أهمية المحافظة على الدستور والسيطرة على النظام السياسي حتى لا يتم التعدي على الدستور أو تعطيلة وضرورة إعادة ثقة الناس بنظامهم، وجاء البيان كالتالي :
 مع اقتراب دخولنا السنة الخمسين من عمر دستور 1962، وهو ما يوجب أن يكون نظامنا الديمقراطي أكثر رسوخاً وأعمق استقراراً، فإننا، وللأسف الشديد، أصبحنا أكثر قلقا وخوفاً على مستقبل نظامنا السياسي الدستوري من أي وقت مضى، فقد تعرض الدستور على مر سنوات عمره لأشكال متعددة من العبث والإلغاء والتهميش والتجاوز حتى بات في بعض الأحيان حبراً باهتاً على ورق بالٍ.
 
 
فاليوم، يعمد أعداء الدستور إلى استخدام سلاح الأغلبية النيابية الموالية لإقرار كل ما هو مخالف للدستور وخارج عن مفاهيم الديمقراطية والحريات، كما فعلوا في أول مجلس أمة عام 1965، ما دفع ثمانية نواب إلى الاستقالة احتجاجاً على البداية الخاطئة للعهد الدستوري.
 
 
لقد تمت العودة إلى هذا السلاح بعد أن جُربت أسلحة أخرى لم تكن فعّالة مثله في تهميش الدستور، إذ زورت انتخابات 1967، وحُل المجلس عام 1976 بشكل مخالف للدستور، وشكلت لجنة لتنقيح الدستور في أثناء غياب المجلس، ثم عُبث بالدوائر الانتخابية بعد تحويلها إلى 25 دائرة لضمان أغلبية تجري التعديلات “المطلوبة” على الدستور كما حدث في 1982، وحين سنحت الفرصة تم الانقلاب على المجلس في عام 1986 وألغي الدستور عندما دعي إلى انتخابات ما سمي بالمجلس الوطني.
 
إلا أن مخطط إلغاء الدستور فعلياً مع الإبقاء عليه ورقياً اصطدم بالمواجهة الشعبية العنيفة المتمثلة في دواوين الاثنين، ثم في الموقف الصلب للقوى الوطنية خلال فترة الاستعداد لمؤتمر جدة في أكتوبر 1990 الذي نتج عنه تقديم وعود معلنة للعودة إلى العمل وفق دستور 1962 بعد تحرير الكويت.
 
والمؤسف أن درس الاحتلال على بشاعته وعنفه لم يكن كافياً لاعتماد الدستور قاعدة راسخة للعمل السياسي، فقد أُحبط الكثيرون من دعوة المجلس الوطني إلى الانعقاد بعد التحرير، لتعود بعد ذلك
 
محاولات الهيمنة على السلطة التشريعية مرة أخرى باستخدام سلاح الأغلبية النيابية، وكان ذلك واضحاً في نجاح الحكومة بتحويل لجنة التحقيق في ظروف الغزو والاحتلال إلى لجنة تقصي حقائق.
 
أما الآن فقد وصلنا إلى مرحلة خطيرة جداً من مراحل تدمير نظامنا السياسي، فقد سيطر المال السياسي والرشوة على الموقف، وتم شراء ضمائر بعض نواب الأمة من أجل الوصول إلى الأغلبية النيابية الكافية لتعطيل الدور الدستوري لمجلس الأمة وتحويله إلى أداة تحلل ما يحرمه الدستور وتجيز ما يضرب الديمقراطية في قلبها، حتى أصبح الدستور ضحية لاستخدام أدواته ضده.
 
إننا في جمعية الخريجين، في هذه الذكرى العطرة لإقرار دستورنا، نسجل رفضنا التام والقاطع لكل أساليب تعطيل الدستور والتعدي عليه سواء بشكل سافر ومباشر أو من خلال تطويع مواده لتبرير العبث به، ونطالب بالمحاسبة السياسية والقضائية للمتورطين في شراء ضمائر نواب الأمة والنواب الذين باعوا تلك الضمائر، فالطرفان ساهما في تدمير بيت الأمة وأساءا إلى المسيرة الديمقراطية.
 
ونطالب أيضاً بحكومة ورئيس مجلس وزراء جديدين وحل مجلس الأمة كي يعود الأمر إلى الأمة مصدر السلطات جميعاً لتنتخب من تراه أهلاً لمراقبة السلطة التنفيذية والتشريع للدولة، على أن يسبق ذلك إصلاح النظام الانتخابي وإنشاء مفوضية مستقلة لإدارة العملية الانتخابية.
 
 إننا اليوم أحوج ما نكون إلى إعادة ثقة الناس بنظامهم السياسي لا من خلال تمديد عمر حكومة تولد ميتة للمرة السابعة، ولا من خلال الإبقاء على مجلس اختطف قراره بشكل غير مسبوق.
 
فهل يا ترى نسابق الزمن من أجل وطننا وأجيالنا القادمة، أم سنتفرج على بلدنا تمزقه صراعات أبناء العمومة في الأسرة الحاكمة؟