المُعضلة الأخلاقية للازدواجية «السلفية»!
علي أحمد البغلي
إخواننا المنتمون الى العقيدة السلفية، يظهر انهم مصابون بكثير من الارتباك السياسي، خصوصا بعد نجاح ثورات «الربيع العربي» في تونس ومصر – على سبيل المثال – حيث كانوا يواجهون قمعا وعنفا مشهودين من نظاميهما الحاكمين.. تلك الانظمة التي كانت تقرن السلفيين بالارهاب والتعاطف مع «القاعدة».. الخ، وهو كلام فيه شيء من الصحة النسبية! ألم يلقب احد نوابهم بن لادن بالشيخ ويترحم عليه؟! ألم يترحم بعض هؤلاء على أكبر مجرم في العصر صدام حسين، لانه قمع شعبه من الشيعة، ونفذ حكم الاعدام فيه «عشماوية» من الشيعة؟!
المنتمون الى عقائد السلف خرجوا بــ «ربيع الحريات العربية» من الظلمات الى النور، أي من القمع الشديد الى الحرية المطلقة، ولكنهم لم يقدروا هذه الحرية حق قدرها، فهم يريدون الحرية على قياسهم، ولا شيء غير ذلك، بلحاهم الكثّة وملابسهم القصيرة، هاجموا بضراوة كل من لا يؤمن بعقائدهم المتزمتة، رأيناهم في تونس يهاجمون منزل مدير محطة عرضت عملا فنيا لم يرضهم، ورأيناهم في مصر ينكرون حق اهل بلادها الاصليين من الاقباط في بناء كنائسهم ودور عبادتهم!
***
الازدواجية تطبع كل مناحي حياتهم، فهم يظنون انهم من اهل الجنة لمجرد الانتماء إلى تلك العقيدة والتزيي بشكلها.. أحدهم شوهد يسبح في احد شواطئ العُراة في مدينة اشتهرت بمجونها (كانكون) ينادي بالفضيلة! وقبض شيكا بعشرات الآلاف من الدنانير! ويعظنا بالصدق والأمانة ونظافة اليد! وأحدهم يمتلك أكبر حصة في شركة تبيع المحرمات الاسلامية قولا واحدا (لحم الخنزير والخمر) خارج الكويت، يلقي على مسامعنا يوميا مواعظه بضرورة الابتعاد عن نواهي الاسلام وزواجره، وهكذا!
ثلة من هؤلاء ممن تأمرهم عقائدهم بوجوب طاعة اولي الامر، ورأيناهم يدوسون على هذا المبدأ بظهورهم امام ولي الامر «بدون بشوت»، كما تعودنا على ذلك من «سلفنا الصالح»، حقيقة وليس زيفا او تزلفا، كما نرى من تصرفاتهم. شاهدنا هذه الثلة «تكشخ بالبشوت»، وتتدافع بالمناكب، لتعزية العائلة السعودية المالكة الكريمة بوفاة ولي عهد المملكة المغفور له الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولو طلب منهم يومها أكثر لفعلوا وما توانوا!
***
«سلف» مصر لم يشذّوا عن ازدواجية تصرفات «سلف» الكويت وغيرهم، فرأينا اخيرا قوائم انتخابية لهم تدعو الى الضحك والسخرية.. فقد وضعوا صور الرجال على تلك القوائم التي خلت من صور النساء المرشحات، ليستبدل الصورة برسمة وردة! لا بل ان بعضهم امعانا منهم في احتقار المرأة، وعدم ايلائها المكانة التي تستحقها وضع اسم زوجها بدلا من اسمها «انتخبوا حرم فلان الفلاني!»، فإذا كان وضع صورة المرأة او اسمها حراما، فكيف ستزاحم هذه المرأة المحتشمة الرجال في البرلمان، وتتدافع معهم بالمناكب؟ نرجو من احدهم ان يحل لنا هذه المعضلة الاخلاقية للازدواجية السلفية!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أضف تعليق