عبدالهادي الجميل
الضرس لامن رقل…
تفاقمت أزمة الزحام المرورية على الطرق السريعة في الكويت مؤخرا، ويعود السبب-في معظم الحالات- إلى تدفّق المركبات في أوقات الذروة أو لوجود حادث مروري. وهناك اختناقات مُفتعلة أو وهميّة تحدث بسبب وجود دوريّات المرور على جانب الطريق، فعندما يراها قائد المركبة، وخصوصا الوافد، يصيبه الهلع فيخفف السرعة إلى أقل درجة ممكنة، رغم أن 95% من هؤلاء الوافدين يقودون سياراتهم بسرعة تقل عن 80 كم/س.
لو عرفنا سبب هذا الهلع الذي يشعر به الوافدون وبعض المواطنين من رجال الشرطة، لاكتشفنا العلة التي تعانيها وزارة الداخلية منذ عشرات السنين.
في الدول القمعية والمتخلّفة تتحوّل مراكز الشرطة إلى معتقلات تعذيب وإرهاب ورعب، أمّا مراكز الشرطة في الدول الديمقراطية والمتحضّرة فإنها منشآت حكوميّة يراها المواطن والمقيم واحة أمن توفّر له الحماية وتصون كرامته وتحافظ على طمأنينة المجتمع. فإلى أي النوعين تنتمي مراكز وزارة الداخلية الكويتية؟!!
لم يعد المواطن يأمن على نفسه خارج منزله، فلم تعد سيارات الشرطة تعني النجدة، ولم تعد المخافر تخيف أحدا إلا الأبرياء!
واقعة عقيد القوّات الخاصة ليست واقعة منفصلة، وليس أدل على ذلك من تداعي بعض كبار قيادات وزارة الداخلية على المخفر لمحاولة “طمطمة” الموضوع عبر تخويف الشاكية والضغط عليها لتغيير أقوالها ومنعها من تسجيل قضيّة(كما ذكرت في لقاء الراي). قد لا تكون هذه القيادات شريكة فعليّا فيما قام به العقيد، ولكنها وبمجرّد محاولتها التأثير على مجريات الأحداث وبطريقة تخالف أنظمة وزارة الداخلية، فإنها تصبح شريكة أو طرفا في هذه الواقعة ويجب أن تنال عقابها مضاعفا، لأنها ارتكبت ذات الأفعال الإجراميّة التي ارتُكِبت في قضيّة محمد الميموني رحمه الله.
أحبطني ما أوردته جريدة الجريدة قبل عدة أيام عن كون وزير الداخلية”مصدوما من مستوى الفساد المتفشّي في الوزارة”، هذا القول يدل على أن الوزير مغيّب تماما عمّا يحدث في وزارته! ومتى ما أراد الوزير الإصلاح الفعلي والجذري-إذا كان جادا في ذلك- فعليه أن يعيد النظر في آلية قبول المتقدّمين للانخراط في سلك الأمن، فالقبول في كلية سعد العبدالله الأمنيّة ليست له معايير ثابتة ودقيقة يتم من خلالها التأكد من ملاءمة المتقدم صحيا وعقليا وسلوكيا للعمل في الأجهزة الأمنيّة، فربع المقبولين في الكلية جاؤوا عن طريق الواسطات النيابية، والربع الثاني عن طريق الشيوخ والوزراء، والربع الثالث من أبناء القيادات الأمنيّة، والربع الأخير هم من الشباب الأكفاء الذين استغنوا عن الواسطات واعتمدوا على مؤهلاتهم فأصبحوا الواجهة المشرقة لوزارة الداخلية.
ولعل أهم وأصعب خطوات الإصلاح التي سيواجهها الوزير -إن بقي في منصبه- أن يتخلّص من معظم القيادات الأمنية التي طال مكوثها في مناصبها العليا حتى نضب حماسها وركنت إلى الخمول والدعة وانشغلت بتكوين الشللية ومراكز القوى للدفاع عن مصالحها وامبراطورياتها، حتى لو استلزم الأمر تغييب الوزير أو خداعه أو توريطه بما قد يُطيح به كما حدث مع وزير الداخلية السابق .
أضف تعليق