أقلامهم

مناظر من أيام الغزو يعرضها سريعاً فيصل الزامل ليقول: ياناس اصحوا

فيصل الزامل
حديث عائلة كويتية 
قالت: «مرت علينا سيدة سعودية ونحن جالسات في الحرم المكي أيام الاحتلال نتحدث عن أوضاعنا والأخبار المخيفة التي تصل عن أهلنا في الكويت، فقالت «انتوا كويتيات؟» أجبتها «نعم»: قالت «لا تخافون، ما جاء بسرعة يروح بسرعة، إن شاء الله».
قالت الثانية: «في تلك الأيام كان زوجي يجلس مع مجموعة من الرجال، كنا في الامارات يواسي بعضهم البعض والحزن قد خيم على كل فرد منهم، ثم يعود إليّ في الشقة قائلا: «لا أدري هل سنعيش لاجئين مع أبنائنا بقية حياتنا أم سنعود الى بيتنا، الوضع يخوف، ثم نبكي أنا وإياه».
قالت الثالثة: «نفس الشيء في القاهرة، مع ان الناس هناك أكرمونا مثل دول الخليج جزاهم الله خيرا، ولكنها كانت أيام فزع، كل يوم يوصلنا خبر، قتل مجموعة من الشباب، اغتصاب بنات، اختطاف أسرى.».
قالت الرابعة: «أحد الآباء سمع أخبارا عن اغتصاب ابنته، كان معنا في مكة المكرمة، لم يتكلم استمر ساكتا طوال الوقت، كان مستندا الى الحائط وهو جالس على الأرض، يضرب رأسه من الخلف بالحائط، يمسكونه ويهدئونه، اذا ابتعدوا عنه رجع لضرب رأسه مرة ورا مرة حتى سقط ميتا.».
قالت الخامسة: «كان ابن عمي مع المقاومة وبعد التحرير دخلوا مقر وحدة لجنود عراقيين انسحبوا، وجدوا بنتين مسجونتين داخل كونتينر (حاوية) ملتويتين بالزاوية كأنهما أرنبتان، ترتعشان من الذل والخوف، تعرضتا لاغتصاب متكرر، قال لهما الشباب «لا تخافون احنا كويتيين».
كان في يد ابن عمي مسدس، قالت له احداهما بصوت مرتعش : «الله يخليك، اقتلنا الحين الحين، ما نبي نعيش»، قال ابن عمي: «أخرجناهما من سجنهما، كان شكلهما قذرا يبين حجم الذل والأذى الجسدي الذي تعرضت له تلك الفتاتان»… ثم لم يتمالك نفسه وبكى بصوت مسموع».
قالت السادسة: «كنا داخل الكويت، الرجال يجلسون في خيمة صغيرة قرب بيتنا، يجتمع فيها الجيران من مختلف الأعمار للتشاور، هذا يقول ماذا نفعل طلبوا منا تغيير لوحات السيارات، والثاني يقول «راح يأخذون الشباب للالتحاق بالجيش العراقي».. ثالث يؤكد كلامه «صحيح، اليوم الصبح جاءوا الى بيتنا وبيوت جيراننا، عملوا إحصاء أسماء وأعمار كل من في البيت، أخذوا عنوان كل بيت للتجنيد، الله يستر».
كان في الجلسة رجل مسن، قال: «تذكرون صاحبي فلان؟ كان يبحث عن ابنه سالم، بحث وسأل قالوا له نقل الى بغداد، بعدين سمع انه في مخفر كيفان، ذهب الى هناك فقال له الضابط «حجي، هو في الكويت، بس اذا سألت عنه مرة ثانية راح يعدم بس لأنك تسأل عنه، أحسن لك لا تسأل؟».
هذا قليل من مشاهد كثيرة القاسم المشترك بينها هي ممارسات الإذلال والتخويف بل والقتل والاغتصاب ونهب الممتلكات، صور بائسة لا يريد أحد أن يتذكرها، وهذا خطأ شنيع، فقد تسبب نسيانها بسرعة في تساهل وتفريط كبير بهذا الوطن الذي عاد اليه المشردون وتحرر من تلك الوساخة التي حركها حسد أسود عبر عنه أحد الضباط، عندما حقق مع شاب كويتي: «تقول درست في بريطانيا وكملت الدكتوراه في الولايات المتحدة؟ أنا ما أعرف إلا محافظة واسط وزرت بغداد والباقي في معسكرات الجيش، شلون يصير؟».
يا ناس، انتوا محسودين، والأدهى من ذلك، انتوا غافلين.

أضف تعليق

أضغط هنا لإضافة تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.