أقلامهم

يوم الغدير مناسبة يستذكرها د. حسن عباس في مقاربة مع المذاهب الأخرى

 
 
 
 
 
 
 
 
 
د. حسن عبد الله عباس
يوم الغدير
يتصادف هذه الأيام ذكرى يوم الغدير، وهو يوم مميز من حيث أنه اليوم الذي نزل بسببه الأمين على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم عند رجوعه من حجة الوداع بالآية الكريمة «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا». أريد بهذه المناسبة أن أطرح بعض التساؤلات المنطقية، بعد تقديم موجز لحدث ذاك اليوم.
أجمع المسلمون على أنه صلوات الله وسلامه عليه وبعدما نشر دين الله في أصقاع الأرض، وبيّن أحكامه على مدى سنوات الرسالة، بعد كل هذا الجهد والتعب الطويل والمرير، قرر صلى الله عليه وآله وسلم الحج لبيت الله الحرام. 
المهم في الأمر أنه حينما انتهت مراسم الحج، قفل صلى الله عليه وآله وسلم راجعاً هو وجموع المسلمين إلى أن وصلوا غدير خم، وهي منطقة قريبة من الجحفة (مفترق يتوزّع عندها المسلمون ويسير كل أهل مدينة في طريق مختلف). فعند خم توقف الرسول (ص) وأرسل ليرجع من سبقوه في المسير وانتظر حتى يكتمل وفد المتأخرون، فجمعهم ووقف ليخطب فيهم.
يذكر المؤرخون أنه كان يوماً صيفياً شديد الحرارة. بإيجاز ومن غير الحاجة لذكر المراجع على اعتبار أن أصل الحدث متفق عليه لدى الجميع، دعا صلوات الله عليه علياً عليه السلام ليقف بجواره وأمام المسلمين، ورفع يده عاليا وقال: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه». يوجد رأي مشهور يقول بأن الرسول قال ذلك لأنه أراد أن يحث المسلمين على حب علي كحبهم إياه شخصياً!
دعونا لا نتعرض للكثير من التفاصيل وبعيداً عن الأحداث الجزئية التي تختلف من هذا المذهب لذاك، أو من هذا المصدر عن ذاك، بعد هذا السرد الإجمالي المتفق عليه، نريد أن نطرح بعض الأسئلة:
لماذا يحتاج الرسول أن يقول للناس ذلك، ألم يقفوا على انجازات هذا الرجل العظيم، ألم يشاهدوا ما فعل ببدر وحنين وخيبر وقتله لعمرو بن عبد ود في الأحزاب، فهل من الإنصاف أن يأمر حكيم بمستوى الرسول مئة ألف مسلم في حجة وداعه الأخيرة وهو يعلم أنه قريب الرحيل للمولى عز وجل، يوقف الناس ويجعلهم ينتظرون في هذا القيظ ليقول للناس بأنه يحب علياً؟! ثم هل يقول المولى عز وجل بأنه أتم الدين فقط عندما اكتملت آخر حلقة من سلسلة الإسلام وهي حب الرسول لعلي، تصوّر لو لم يأمر الرسول الناس بحب علي كما يقول هذا الرأي، فهل ساعتها سيكون الدين ناقصاً كما جاء في الآية الكريمة، طيب ماذا عن بقية الصحابة، ماذا فهموا من ذلك؟ ولماذا باركوا لعلي وما معنى قولهم له: «بخ بخ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة؟»! وماذا عن حب الرسول لهم؟! وكيف نؤول سكوته عن هذا الحب، وهل يكتمل الدين بعدم ذكر الرسول شيئاً عن حبهم، وما الخصوصية لوجود علي في هذا المكان من بين آلاف الصحابة؟ 
أظن الموضوع فيه «إنّ»!