محمد العوضي
سهرة مع 9 سعوديات
نعم (9) بل أكثر ومن غير محرم!! كيف؟
كان «الباص» يتجهُ من مطار جدة الى مكة المكرمة في عطلة الربيع للعام الماضي، وكانت زوجتي تجلس عن يميني جهة الشُباك.
وعلى أقرب المقاعد من الجهة اليمنى يجلس مصعب الرويشد مع زوجته… وكان الباص ممتلئاً بالطلاب والطالبات وبعض أقاربهم حيث كُنّا في رحلة اتحاد طلبة الكويت الى العمرة.
جاءني اتصال من رقم مجهول على «جوالي» تعرفت على المتصل وإذا بها فتاة في السنة الأخيرة من مرحلة الثانوية… وانهالت عليَّ ابتداءً بالأسئلة التي تخص أحكام المرأة في الشريعة الإسلامية ووضعها في الاطار المعرفي الكلي في الإسلام، بالنسبة لي لم تكن التساؤلات جديدة إذ اشبعت بحثاً وجدلاً على الصعيد الصحافي والمؤتمرات والبحوث والإعلام طول القرن الماضي.
لكن الفتاة فاجأتني عندما انتقلت من الأسئلة الخاصة بمباحث المرأة وقضاياها وما يخصها من آيات وأحاديث وبعض الأحكام الى مسائل وإشكالات تتصل بالعقيدة، ولاحظت أن بعض هذه التساؤلات التي أخذت طابع الشكوك أكبر من سن الفتاة رغم ذكائها ما يؤكد ان الانفتاح الإعلامي وسهولة التواصل مع المعرفة المتاحة عالمياً فرضت حراكاً ثقافياً جديداً من الكم والنوع والوزن والطرافة أحياناً.
… طالت المكالمة ثم استكملنا الحوار بعد أسابيع…
ليست هذه الفتاة أو المرأة الأولى التي تتصل من السعودية وتهدر بسيل من الأسئلة… ذات الطابع الجديد.
كانت استفهامات عموم الشباب (فتيات وفتيان) قبل 20 سنة تخص العبادات والتاريخ والتفسير وأحكاماً فقهية عامة.
أما اليوم فالأسئلة اختلفت في محتواها وطريقة طرحها بل وروح المتساءل أو المتساءلة حيث ان الجيل المعاصر يبحث عن تحليلات منطقية للأحكام ويقارن بين مبادئ الإسلام وما يتلقاه من نظريات ونماذج معرفية غربية ومنظومات قيم مستوردة… وأخطر ما في الموضوع أن الدعاة والشيوخ وحتى الأكاديميين كثير منهم لم يهضم ثقافة المرحلة ولا هو منتبه إلى أنماط التفكير الجديدة والطارئة على الشباب في عصر العولمة.
فبعض الدعاة والآباء والمربين يتعامل مع قناعات واستفهامات والتباسات شبابنا بتجاهل، وبعضهم بتهوين من أمرها على اعتبار انها مرحلة مراهقة فكرية وتزول، وبعض المشايخ يكتفي بالزجر والتحذير والتأثيم من طرح تلك الاشكالات، فتكون النتيجة نُفُور الشباب من مصادر التوجيه الخاصة والعامة في مجتمعه ويعول على اجتهاده الشخصي، ويولي وجهه وعقله الى حيث من يلتقفه في «النت» وغيره ليرجع بمزيد من الشكوك والارتباك.
ولعل نصيب النساء والفتيات أكبر من حيث التجاهل في مجتمعاتنا الشرقية والعربية.
وتظل المسلمة حائرة بين التقاليد الراكدة والأعراف الظالمة وبين التغريب الجارف والتحرر على طريقة هوليوود وبين هذا وذاك تضيع أحكام الشريعة… فلابد من اعادة النظر في طريقة تعاملنا مع أجيالنا المتعطشة للمعرفة واستيعاب الواقع الثقافي غير المسبوق… ولعل هذا الوضع هو الذي دعا عبدالله المديغر إلى دعوتي لبرنامجه «نبض الكلام» وحدد الموضوع بالمرأة وتساؤلاتها العصرية… لقد سَهرت هاتفياً ليس فقط مع (9) فتيات سعوديات بل أكثر حول هموم المرأة المعاصرة في كيفية تحقيق التوازن بين الأصالة الواعية والمعاصرة الناضجة.
أضف تعليق