طرح سياسي قذر
د. عبداللطيف محمد الصريخ
لا أعلم ماذا حل بالواقع السياسي لدينا، وكيف وصل بعضنا إلى مرحلة الانحطاط في الطرح في تعاطي القضايا السياسية، حيث انتقل من نقد السياسات والمواقف، إلى الطعن في الأعراض والأخلاق والسلوكيات الخاصة خلف الأبواب المغلقة.
أن تختلف مع شخص في بعض الأمور فهذا أمر طبيعي، وأن تختلف معه على طول الخط سياسيا فهذه قد أتقبلها من باب الاختلاف المنهجي، وأجد له تعليلا من باب المصالح المتقاطعة، ولكن أن تمتهن الطعن في أشياء لم يقم عليها دليل بينِّ، سوى قيل وقال، فذلكم الفجور في الخصومة، الذي لا نرضاه، وإن رضيناه فلا خير فينا.
إنني آسف على جيل يعيش حقبة مظلمة، أمسينا نتعاطى فيه طرحا سياسيا متدنيا هابطا، طرحا سوقيا، بل هو أقل، طرحا متأثر بنظريات فرويد الجنسية، وأنها تفسر أغلب سلوكياتنا، حتى في المجال السياسي، حتى وصل بنا الحال أن يُصَفِّقَ له عشرات ومئات، بدلا من أن يَصْفِقَه على خدّه مؤدباً، كي لا يعيدها مرة أخرى.
ما نعيشه من طرح سياسي قذر لا يمت إلى السياسة بصلة، يكشف لنا نفوسا مريضة، لا مانع لديها من تدمير السمعة والشرف في مقابل إسقاط الخصوم، ولو كلف ذلك تشويه الذوق العام، وينزع آخر أوراق التوت عن نفوس تعفنت في مستنقعات الحقد والكراهية، ألا بئس ما يصفون.
كيف تريد مني أن أصدقك يا هذا وأنت تصف لي بأقذع الأوصاف خصمك السياسي، وهلا خلت حججك العقلية حتى تلجأ إلى أوهام من نسج خيالك، وتلصقها في أناس أبرياء، وإن سلمنا بصدق ما تقول وتدعي ألا تستحي أن تنشر أحاديث يعف اللسان عن ذكرها للعامة ليقرؤوها ويتناقلوها.
إننا نمر في مرحلة خطرة إن لم نتدارك الأمر، فالموضوع قد تعدى المقبول سياسيا، إلى القفز في المناطق المحرمة، وعلى أصحاب الشأن أن تكون لهم كلمة، وأن يتخذوا موقفا صارما حازما تجاه تلك الممارسات غير المسؤولة، التي تؤسس منهجا لا يمت إلى الأخلاق بصلة في السلوك السياسي.
إنني أخشى أن نستمرئ تلكم الأطروحات القذرة في واقعنا السياسي، حتى نصل إلى مرحلة نخشى فيها أن نكتب وننتقد ونختلف سياسيا، لما سيواجهنا في المقابل من خصومنا من إشاعات وقصص وصور وأفلام مفبركة تكشف عورات البيوت، وتهتك أستارها، وكأننا نعيش في بيوت زجاجية، لا حرمة لها.
اللهم استرنا فوق الأرض، واسترنا تحت الأرض، واسترنا يوم العرض.
أضف تعليق