جرائم وقضايا

((سبر)) تنشر مذكرتها المطالبة بإعدام المتهمين
“النيابة” في مرافعتها بقضية الميموني: من هؤلاء حتى يهدروا ويزهقوا أرواح المواطنين؟

(تحديث) قالت النيابة العامة في مذكرة مرافعتها في قضية قتل الميموني بمرافعة وكيل النيابة العامة سالم العسعوسي إننا نقف بين أيديكم اليوم وفي محراب عدالتكم لاخطباء، ولا حكماء أوتوا جوامع الكلم، ولكن جئنا مطالبين بلسان المجتمع باسم الحق والعدل بالقصاص ممن يعيثون في الأرض فسادا، وأضافت: “أي عار على المجتمع حين تسفك فيه الدماء وتستباح فيه الأعراض وتنتهك فيه الحرمات، فإذا  كان الله تعالى قد حرم قتل النفس وجعلها من أكبر الكبائر وأحاطها بسياج من الحفظ وكفل حق الإنسان في الحياة في إطار حفظه للضرورات الخمس، بل وقرر للمنتهك حرمة قتل النفس جزاء في الدنيا وجزاء وجزاء في الأخرى، وتابعت : فما أبشع الصورة وما أفظع الجرم وما أكبر الكارثة أن يقتل الإنسان أخاه الإنسان، فما بالكم إذا كان القاتل هو من كلف بحماية المقتول وحفظ أمنه؟ سيدي الرئيس حضرات السادة القضاة : نقف في محراب عدالتكم لنضع بين أيديكم نموذجا لحنث اليمين والتخلي عن الواجب والتعدي على الحقوق والحريات وإمتهان كرامة الإنسان ، نموذجا يستبدل الإحترام بالإهانة والقانون بالخروج على الشرعية ، كما ان قضية اليوم ليست كغيرها من القضايا يتهم فيها مجرم قد يلتمس له العذر لقلة ثقافته، أو نقص وعيه، أو لطبيعته الإجرامية، وإنما  المتهمون في هذه القضية، وللأسف الشديد ينتسبون إلى وزارة الداخلية التي يتطلب في أفرادها حفظ الأمن واحترام القوانين والحفاظ على حقوق المواطنين، برا بالقسم الذي يبتدؤون به حياتهم العملية، إلا أنهم وللأسف الشديد حادوا عن هذا الطريق، فاستباحوا لأنفسهم التعدي على حقوق الناس وحرياتهم وامتهنوا كرامة الإنسان وأغرتهم السلطة وأغوتهم السطوة، و لقد ارتكبوا الجريمة وقد كلفوا بمكافحتها، وامتهنوا كرامة الإنسان، وأخلوا بالأمن وقد وكلوا بالحفاظ عليه، واخترقوا القانون، وقد أقسموا على احترامه، واستعملوا القسوة، ونصبوا أنفسهم حكاما، واستباحوا الدماء، وحكموا بالإعدام ، وأعانهم على ذلك ظنهم بأنهم فوق المساءلة وأن أحدا لايستطيع محاسبتهم .



إن المتهمين رسموا بآثامهم وأوزارهم صورة نادرة مفزعة ومؤلمة لواقع هذه الدعوى، ولقد فاض هذا الواقع الأليم لدعوانا من خلال ماسجلته التحقيقات التي أجرته النيابة العامة، فالمتهمون من الأول حتى السادس عشر بصفتهم موظفين عموميين –ضباط وأفراد شرطة بوزارة الداخلية – ظنوا أن تلك الوظيفة تجعل لهم سلطانا بلا رقيب، عذبوا المجني عليه في القضية التي زوروا الاتهام فيها إليه، وذلك بأن كبلوا يديه وأوثقوا ساقيه وعصبوا عينيه وانهالوا عليه ركلا وضربا بأيديهم وبعصي وخراطيم وهراوات على رأسه ومختلف أجزاء جسده، وعلقوه من يده تارة ومن أسفل إبطية تارة أخرى، قاصدين من ذلك حمله على الاعتراف بالإتجار بالخمور، وأحدثوا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة الترشيحية وأنهم لم يكتفوا بذلك وحسب، وإنما قام المتهمان الأول والثالث بحجزه في غير الأحوال المقررة قانونا، وعقدوا محاكمة فريدة من نوعها للمجني عليه لايحكمها قانون نعرفه، بل يحكمها قانونهم الخاص الذي لارحمة به ولادفاع مكفول، بل ذهب المتهم الأول إلى ارتكاب تزوير في محررات رسمية بقصد استعمالها على نحو يوهم بمطابقتها للحقيقة وهي محضر الضبط والتحريات ومحضر ضبط المجني عليه، وهل اكتفوا بذل تجاه المجني عليه الذي راح ضحية هذا التعذيب؟، ولقد قام المتهمون الأول والثاني والسادس باستعمال القسوة مع كل من المجني عليهما جارالله ناصر وأحمد عودة وصياح الرشيدي، اعتمادا على سلطات وظيفتهم فأحدثوا آلاما بهم باعتدائهم عليهم بالضرب فأحدثوا بهم إصاباتهم الموصوفة بتقاريرهم الطبية الشرعية.



أما عن المتهمين السابع عشر والثامن عشر فقد اشتركوا بطريق المساعدة مع المتهمين من الأول إلى السادس عشر في ارتكاب جريمة التعذيب التي بينها سلفا، وذلك بأن ساعداهم في تعذيب المجني عليه الميموني لحمله على الاعتراف بالاتجار بالخمور، فتمت الجريمة بناء على هذه المساعدة، كما قام المتهم الثامن عشر بالاشتراك مع المتهمين من الرابع إلى السادس في استعمال القسوة مع المجني عليه صياح الرشيدي المبينة بالاتهام الخامس بأن ساعده في ضربه محدثا إصابته، وبلغ الاستهتار بهم بعلمهم بأن كانوا يصطحبوا رفيقهم الملقب بصديق المخفر المتهم “ح،م” ليشاركهم سقطاتهم الآثمة، فمن هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم قضاة وجلادين وجمعوا حولهم الزبانية فاستحلوا حرمة الدم وأهانوا كرامة الإنسان؟ أهؤلاء هم المسؤولون عن حفظ الأمن وتنفيذ القانون؟ ومن الذي منحهم هذا الحق؟ وهل أصبحت العصا والسوط ضمن الأدوات التي تصرف لرجال الشرطة اليوم، ولم يكن يدر في خلد المجني عليه أو غيره من المواطنين أن تكون نهايته على أيدي رجال الشرطة، فأين مانص عليهم من أن المتهم بريء إلى تثبت إدانته في محاكمة منصفة يكفل له فيها حق الدفاع ؟ إننا نقف اليوم واجمين أمام جريمة تجرد مرتكبوها من أدنى درجات الرحمة، هذه الجريمة التي راح ضحيتها مواطن حق له أن يعيش أمنا مطمئنا في وطنه، إلا أن أيادي الردى تلقفته، ورمته في دركات الشقاء حتى أذيق أشق صنوف العذاب.



إن المجني عليه محمد الميموني مر برحلة عذاب طويلة دفع حياته ثمنا لها، هذه الرحلة المخيفة التي بدأت منذ أن قبض عليه، عندما طرحه المتهمون أرضا والتفوا حوله من كل جانب وكبلوه وضربوه على رجليه حتى أذاقوه العذاب الواصب ، ثم بعد ذلك ساقوه تحت أستار الياجي إلى ذلك المكان البعيد الموحش الذي تهفوا القلوب به من الأسى، لتبدأ معاناته الحقيقية، إذ هو –أي المجني عليه- بفناء ذلك المكان متجردا من ملابسه، إلا مايستر عورته من سروال وفانيلة رغم برودة الطقس –يضرب من المتهمين دون أن تأخذهم به رأفة تذكر، ثم يعلق من أسفل إبطيه ويديه مكبلتين خلف رجليه بواسطة قطعة حديدية طويلة على كراسي ذلك الجاخور بطريقة سماها المتهمون “الشواية”، وسط أناته المريرة ، وهكذا إستمرت ليلة المجني عليه حالكة عبوس طويلة فطال بها شقاؤه، وتحط رحال رحلة الشقاء التي عاناها المجني عليه في مخفر الأحمدي، حين استمر المتهمون في تعذيب المجني عليه ضربا على قدميه وبرش الماء البارد عليه وبحرمانه من النوم.



أجلت محكمة الجنايات مجدداً قضية مقتل المواطن محمد الميموني المتهم بها 20 رجل أمن من مخفر الأحمدي، إلى جلسة 29 الجاري للمرافعه بعدما استمعت إلى مرافعة النيابة العامة والمدعي بالحق المدني.



وكانت المحكمة قد أجلت القضية في جلستها التي عقدت في الأول من الشهر الجاري لحين وصول ملف المتهم السابع عشر بناء على طلب دفاع المتهمين، الذين طلبوا كذلك إحالة هؤلاء (المتهمين) إلى الطب الشرعي، مما جعل أشقاء الميموني يطلقون صيحات الاستهجان داخل القاعة اعتراضاً على هذا الإجراء.