أقلامهم

علي الرز يشبه السيناريو السوري بسيناريو ليبيا “وتبقى الخواتيم والنهايات هي التي تختبر التشابه وتحدد المصطلحات”

بين “طزّين”


علي الرز


تشابَه المؤتمر الصحافي لوزير خارجية سورية وليد المعلم بالمؤتمر الصحافي الذي عقده سيف الإسلام القذافي بعد اندلاع الثورة الليبية، وخصوصاً لجهة التأكيد على حصانة الدولة من الربيع العربي، فسيف قال إن ليبيا ليست تونس ومصر، والمعلم قال إن سورية ليست ليبيا. أما في الشارع «المكمّل» للمؤتمرين الصحافيين، فكانت «الجماهير» في ليبيا تهتف: «طزّ مرة تانية بأميركا وبريطانيا» وفي سورية «طزّ مرة رابعة بالعرب والجامعة».
وبين الـ «طزين» تكتمل صورة التماهي السوري بالنظام الليبي مع بعض الفروقات من جهة ومع الكثير من الإصرار على عدم التشابه من جهة اخرى، وهذا الامر ربما وجد تفسيراً محدداً له في علم النفس (اي التماهي والإنكار في وقت واحد)، انما على الارض فالمعطيات السياسية تزحف على ما عداها، ومخطط النظام السوري يقود البلاد عملياً الى أسوأ المراحل.
في سورية، كما في ليبيا سابقاً، القائد يختصر الدولة والمؤسسات والحزب الحاكم واللجان الثورية والشعبية… والعائلة. أما الشعب فهم هؤلاء الذين يحبونه. لا وجود لحياة سياسية انسجاماً مع نظرية الخلود والابد فـ «أنا أو لا أحد»، وهذا في حد ذاته سلاح نظامي أكثر قمعية من الأسلحة النارية لأنه يسجن الأمل بالتغيير في دائرة الخوف من المجهول ويربط بين سقوط النظام وبين سقوط الدولة والمؤسسات… ومع ذلك يقولون إن سورية غير ليبيا.
هناك، لعبٌ على وتر الأقليات والغالبيات القبلية والسيطرات الجهوية، وهنا لعبٌ على وتر الأقليات الطائفية وسيطرة الغالبية… ويقولون سورية غير ليبيا.
هناك، عزفٌ على وتر الدور الإقليمي الضخم لليبيا كنقطة وصل بين اوروبا وافريقيا والعرب في مواجهة التطرف، وهنا عزفٌ على وتر الدور الإقليمي الضخم لسورية كنقطة وصل بين خطوط طول المواجهة مع إسرائيل وخطوط عرض التحالف المقدّس مع إيران.
هناك، يكون النظام علمانياً في ملاحقة «الزنادقة» ومنع تحويل ليبيا الى إمارة إسلامية عندما يريد دخول سوق الصفقات مع الغرب ثم يصبح قائد النظام أميراً للمؤمنين عند تجميعه أوراق «المواجهة»، وهنا يصبح النظام العلماني موالياً وممولاً وبانياً لمعسكرات المقاومة المقدّسة إذا اقتضى الأمر إنهاك المشروع الأميركي في العراق أو التحكم في عملية السلام من جبهة الجنوب، ثم يصبح قائد النظام أميراً للعلمانيين عند تسويقه نظرية إحباط مخطط تحويل سورية الى إمارة إسلامية… ويقولون سورية غير ليبيا.
هناك، هدّد القذافي بزلزال يصيب شمال إفريقيا وينطلق منها الى أوروبا المتوسطية في حال استمرت الحملة الامبريالية العالمية الكونية على نظامه (أو لا نظامه) مهدداً بفتح النار من الصحراء إلى الصحراء، فيما كان وسطاؤه يجوبون الكرة الأرضية للاستعانة بـ «صديق» أميركي أو أوروبي أو إسرائيلي، ويعلن ابنه سيف أن أمن إسرائيل من أمن ليبيا، وهنا يهدد الأسد بزلزال يصيب منطقة الشرق الأوسط إذا تعرضت بلاده لاعتداء غربي، فيما وسطاؤه يجوبون الكرة الأرضية للاستعانة بـ «صديق» أميركي أو أوروبي او إسرائيلي، ويعلن ابن خاله رامي مخلوف أن امن إسرائيل من امن سورية… سورية غير ليبيا!!!
هناك، استعان النظام بمرتزقة أفارقة لمساعدته في إنهاء ثورة الجماهير على الجماهيرية، وهنا استعان النظام بـ «شبيحة» لبنانيين وإيرانيين وفلسطينيين لمساعدته في إنهاء ثورة السوريين على نظامهم.
هناك، كان أعضاء البرلمان المعبَّر عنه في اللجنة الشعبية العامة يقفون طويلا للتصفيق للقذافي ويكيلون له المدائح ويقولون له أنت «القائد الأممي»، وهنا يقف أعضاء البرلمان المعبَّر عنه في مجلس الشعب طويلاً للتصفيق للأسد ويكيلون له المدائح ويقولون له انه يجب أن يكون رئيساً للعالم بأسره لان رئاسة سورية والعالم العربي «قليلة عليه».
هناك خرج عشرات الآلاف إلى الساحات يحملون صور القائد ويهتفون له بطول العمر ويؤكدون انه سينتصر ثم قالوا بعد سقوط النظام إنهم كانوا يُجبَرون على التظاهر خوفاً من خسارة مقاعدهم الوظيفية والدراسية، وهنا يخرج عشرات الآلاف إلى الساحات يحملون صورة القائد ويهتفون له ويؤكدون انه سينتصر.
هناك، قال القذافي وأولاده منذ الأسبوع الثاني للثورة إنها «خلصت» وان استعادة بنغازي (أو إحراقها) مسألة أيام، وهنا قال الأسد ونائبه ومستشارته ووزير خارجيته و«سفراؤه» من السياسيين اللبنانيين منذ الأسبوع الثاني للثورة إنها «خلصت» وان عودة الأمور إلى نصابها مسألة أيام.
يبقى ان الخواتيم والنهايات هي التي تختبر التشابه وتحدد المصطلحات.