أقلامهم

ابراهيم المليفي: قصة اليحيى والماجد بداية لحالة توتر مع إيران

إبراهيم المليفي
الأغلبية الصامتة: تأشيرة جواسيس
منذ اللحظة التي سمعت فيها عن اعتقال الزميلين عادل اليحيى ورائد الماجد في إيران بتهمة التجسس، سألت بحكم تجربة السفر السابقة لي إلى أصفهان مع وفد جمعية الصحافيين العام الماضي، هل حصل الزميلان على تأشيرة الدخول للأراضي الإيرانية بصفة صحافيين؟ أو حصلا على تأشيرة دخول سياحية تم استغلالها بصورة سرية في أنشطة إعلامية تخص البرنامج الذي يقدمه اليحيى في قناة “العدالة”؟
قد يسأل البعض ما الفرق؟ والجواب الفرق كبير والقضية ليست بسيطة كما تبدو، فالحصول على تأشيرة العمل الصحافي والإعلامي لإيران والكثير من الدول المغلقة، تعني وجود مرافق أو مرافقين عدة لمن حصل على تلك التأشيرة بهدف معلن هو تسهيل أعمالهم كالترجمة والمواصلات والإرشاد وترتيب المقابلات، والحقيقة هي أن ذلك المرافق ليس سوى رقيب وجاسوس بشوش يقدم معلومات تفصيلية عن تحركاتهم.
يحكي لي أحد الزملاء من مجلة “العربي” كان في مهمة صحافية في ليبيا أيام القذافي أنه ما إن يرفع سماعة التلفون في الغرفة للحديث مع زميله المصور في الغرفة المجاورة حتى يرفع شخص ثالث السماعة للتنصت عليهما. بناء على ما سبق فإن ممارسة أعمال التجسس بزعم أنها صحيحة تعتبر مهمة مستحيلة بوجود هذه الرقابة اللصيقة، وإذا ما ثبت أن اليحيى والماجد حصلا على تأشيرة دخول للصحافيين، فإن طهران تدين نفسها بنفسها لأنها سمحت بدخولهما وتحت إشرافها ثم لسبب ما انقلبت عليهما واتهمتهما بتهمة خطيرة هي التجسس. وحتى بفرض صحة الاحتمال الثاني وهو دخول الزميلين بتأشيرة سياحية وقيامهما بالتصوير دون ترخيص، فإن ذلك الأمر لا يعدو كونه مخالفة، ومن حق طهران مصادرة الأجهزة والأشرطة التي في حوزتهما وفرض غرامة مالية عليهما إن لزم الأمر، وليس اختلاق كذبة لا يصدقها حتى المجنون.
من المهم معرفة أن وجود كاميرات فيديو مع أي وفد صحافي في دولة مثل ايران بعد الانتفاضة التي وقعت فيها بعيد الانتخابات الرئاسية، ترفع من أهمية ذلك الوفد للدرجة القصوى تحوطا مما قد تلتقطه كاميراته من أفلام ولقطات لا تريد طهران خروجها للعالم الخارجي، وبالتالي فإن اكتشاف وجود كاميرات تعمل دون ترخيص ورقابة يجعل الأجهزة الأمنية الإيرانية المتشابكة في اختصاصاتها والمتنافسة على السبق الأمني وإظهار القصور في الأطراف الأخرى، تضخم من تهمة ضبط إعلاميين كويتيين بالصورة التي وصلتنا ثم لا بأس من تخفيض التهمة والتعامل معها كورقة للمساومة.
في هذه الأجواء المتوترة في منطقة الخليج والعالم العربيين، علينا أن ندرك أهمية وجود عوامل تحرك كل الأحداث الساخنة التي نراها ونسمعها هذه الأيام، أولها ترسخ حالة عدم الثقة بين دول الخليج العربية ونظام طهران والخوف المتزايد من مخاطر الملف النووي الإيراني والدور الأميركي والغربي في محاصرة النفوذ الإيراني في جنوب لبنان ومناطق أخرى.
واحتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران ونشوب حرب جديدة في منطقة الخليج، وأخيرا تزلزل النظام البعثي في سورية نتيجة تبدل الموقف العربي الرسمي ضده، وفتح الطريق لتكرار السيناريو الليبي، وهو ما يعني قرع أجراس الخطر لإيران حول مصير تحالفها مع دمشق ونفوذها في جنوب لبنان ودورها في المنطقة العربية ومصيرها هي ذاتها بعد نجاح الثورة السورية، كل ذلك يجعل من رواية وجود جواسيس كويتيين في إيران على سخفها، مجرد بداية لمرحلة جديدة من التوتر المتقدم في العلاقات الخليجية الإيرانية.