د. حسن عبدالله جوهر
كش ملك!
من هذا المنطق يفترض أن يكون سمو الرئيس في نظر مؤيديه أقدر على مواجهة أي استجوابات جديدة لأنه تمرس عليها، وقضى على ثلاثة منها بسهولة، وإذا كان الأداء هو الموقف والمحك فمن الطبيعي أن يكون مصير أي استجواب آخر كسابقاته، فلماذا التهرب منه الآن؟
نتيجة التصويت على شطب الاستجواب الأخير المقدم لرئيس مجلس الوزراء من جدول أعمال مجلس الأمة قد تكون مخيفة وتمثل نكسة خطيرة في الديمقراطية الكويتية وطعنة أخرى في صدر الدستور، ولكنها في المقابل سجلت انتصاراً عملياً لأعضاء مجلس الأمة المنتخبين على الأقل، فرفض أغلبية النواب وعددهم (26) نائباً المشاركة في التصويت على مسرحية يوم الثلاثاء الماضي مقابل (23) نائباً مؤيداً لوأد الاستجواب يعتبر مؤشراً إيجابياً في حد ذاته على الوقوف في وجه التنقيح العملي للدستور وفي داخل قبة عبدالله السالم، وعدم السماح بتسجيل سابقة في هذا الخصوص تعكس أن هناك من وافق على سحب الاستجواب وإلغائه في مقابل من عارض ذلك.
وحتى لا يزايد أحدنا على الآخر ولا يتهم بعضنا بعضا في من داس ببطن الدستور ممن حفظه سوف نأخذ تعليق الأخ الفاضل علي الراشد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء على القرار التفسيري للمحكمة الدستورية بشأن الاستجواب كعنوان رئيسي ومهم عندما قال محقاً بأن المحكمة لم تفصل أبداً في كون الاستجواب دستورياً أو غير دستوري، إنما القرار بذلك يعود إلى أعضاء مجلس الأمة.
وهذا التعبير الحكومي بحد ذاته وضع النقاط على الحروف، والموقف من التصويت، وخاصة من قبل الأقلية البرلمانية الموالية لرئيس الوزراء كشخص وليس للحكومة، وكان من أجل إنقاذ الرجل من السحب الثقة منه لا أكثر.
والقضية برمتها لا تتعلق بالدستور ولا هم يحزنون، فالمؤيدون لرئيس مجلس الوزراء كانوا يدفعونه دفعاً لصعود منصة الاستجواب والرد على محاوره وفي جلسة سرية، وكانوا بعد ذلك يعقدون المؤتمرات الصحفية للإدلاء بشهادتهم بأن سمو الرئيس قد أبهرهم بالمرافعة السياسية والدستورية، ونجح في تفنيد محاور الاستجواب، واستطاع بذلك أن ينتزع ثقة المجلس، ومثل هذه البهرجة السياسية والإعلامية كانت تعود بسبب واحد لا غير وهو حساب الأرقام وعدم توافر الرقم الصعب لحجب التعاون مع سمو الرئيس. ومن هذا المنطق يفترض أن يكون سمو الرئيس في نظر مؤيديه أقدر على مواجهة أي استجوابات جديدة لأنه تمرس عليها، وقضى على ثلاثة منها بسهولة، وإذا كان الأداء هو الموقف والمحك فمن الطبيعي أن يكون مصير أي استجواب آخر كسابقاته، فلماذا التهرب منه الآن؟
السبب بسيط، فرقم اليوم يختلف عن الحسابات السابقة، ومادة الاستجواب سوف تفضح عددا لا بأس به من نواب الحكومة أنفسهم فيما يتعلق بالملايين التي دخلت حساباتهم البنكية، فاللعبة السياسية اليوم هي منع أي استجواب آخر لأنه وبكل سهولة يمثل الخطوة الأخيرة أو “الكش ملك” للحكومة ورئيسها ونوابها على حد سواء.
أضف تعليق