الكويت.. 50 عاماً إلى الوراء
ذعار الرشيدي
اعترضت على اقتحام قاعة عبدالله السالم ولم أعترض على اللجوء الى بيت الأمة من قبل بعض من المتجمهرين في ساحة الإرادة بعد أن لجأوا اليه من قمع الشرطة، ولكن للحالة وجهين، رغم إقراري في مقالة الأمس بخطأ كلا الطرفين الأول قمع والثاني اقتحم، والأمر هنا قابل للتجزئة في تفصيل ما حدث، فالأمر لا يؤخذ كاملا، أولا ما تجمهر الشباب وأعضاء مجلس الأمة معهم إلا بعد أن استنفدوا كل الوسائل الدستورية والقانونية المتاحة سواء الاستجواب، او حتى التصعيد في ظل مواجهة حكومة غير قادرة على عشرات الملفات العالقة وأهمها وأخطرها تفريغ المادة 100 من محتواها عبر الاحالة أو التأجيل أو السحب أو الشطب المتعمد بأسلوب أعادنا 50 عاما الى الوراء، هنا الحراك الشبابي مستحق، والاعتراض مستحق سواء بالكتابة أو القول أو التغريد أو الاعتصام السلمي، وتطور الأمر الى مواجهة أمر طبيعي بل وعادي جدا ولا حاجة أبدا لأن يصوره البعض وكأنه نهاية العالم، بل بالغ البعض في الامر ووصفوه بأنه يوم دينونة وان التاريخ سيقف عند هذا اليوم الذي اعتبروه نهاية النهاية.
هناك حراك وفي النهاية، سواء اتفقنا مع كل ما يخرج منه أو اعترضنا على بعضه يبقى حراكا حميدا، فالحراك الشبابي في أي بلد وفي معزل عن تأثيرات اللاعبين وراء الكواليس في اللعبة السياسية الكويتية، الذين سأتحدث عنهم في مقالات لاحقة، هو حراك حميد وطبيعي جدا ولسنا البلد الوحيد الذي يحصل فيه أمر كهذا، نعم نحن لسنا مصر ولا تونس ولا ليبيا ابان الحكم الديكتاتوري، ولكننا لسنا بأفضل من أميركا وبريطانيا وايطاليا واليونان، ولمن لا يتابع الأخبار من ساستنا هناك حراك يرفض التعاطي الحكومي في تلك البلدان مع قضايا خاصة وعامة.
لم يحدث شيء، الكويت لم تسقط ديموقراطيا، ورجال الأمن لم يرتكبوا خطيئة أكبر من تلك التي يرتكبها عادة رجال الشرطة في أميركا وبريطانيا في مواجهة اي حراك سواء احتلال وول ستريت أو شغب لندن، المواجهة حتمية بل ونتاج طبيعي، والأخطاء قابلة للمعالجة.
الشباب المعتصم المتجمهر ليسوا أشرارا، وليسوا نبتا شيطانيا كما يريد أن يصورهم البعض أو ان البعض صورهم كذلك فعلا دون أدنى اعتبار الى أن ما يحدث هو حراك شبابي طبيعي جدا.
لا أريد تهوين الأمر، هناك شيء حصل، هناك أخطاء، ولكن الأمر لا يستوجب ردة فعل أكبر من حجم الفعل نفسه.
نعم لسنا مصر حسني مبارك ولا ليبيا القذافي ولا تونس زين العابدين، وما حصل جزء من الديموقراطية التي ننشدها، هل تريدون معاقبة من اقتحم مجلس الامة؟ حسنا فلتفعلوا هذا، وأمامكم قانون الجزاء مواده تتيح لكم هذا وفق التكييف القانوني لما حصل، ولكن من حقي أن أسأل: لماذا قانونكم سريع المفعول تجاه أي حراك ديموقراطي بينما يكون بطيء المفعول أو ربما معدوم المفعول تجاه الايداعات المليونية ومستشفى الـ 18 طابقا وتجار الاغذية الفاسدة ولصوص المال العام و«بلاعين البيزة» والشركات المخالفة التي ولانعدام مفعول القانون ضدهم لم يسلموكم مشروعا واحدا من خطة التنمية ذات الـ 37 مليار دينار، ولن يسلموكم؟!
توضيح الواضح: سنتحدث ما دام الحديث ممكنا، فلا أحد يعلم ماذا سيحصل غدا؟!
أضف تعليق