محمد مساعد الدوسري
أأحرار أنتم أم عبيد؟!
“من استغضب فلم يغضب فهو حمار”، لست أنا من أقول هذه العبارة بل قالها الإمام الشافعي قبل إثنا عشر قرنا، وكأنه يصف الحال في هذه الأيام التي يسعى البعض لأن يكون الشعب مثلما يريد شعبا من الحمير، يتم إغضابنا صباحا ومساءا ولا يراد لنا أن نغضب، فهل قال لهم أحد أن هذا الشعب قد ألف العبودية أو كان معجونا بها أو أنه مهيأ ليكون شعبا من العبيد؟.
طوال سنين مضت، والشتائم والسباب تكال لكل شريف في البلاد، وتم التعرض لأقارب الصالحين وأهليهم بكل قبيح، وقاموا بالتشكيك في وطنية شرائح من الشعب، بل واتهموا بأنهم مرتزقة، وبالأمس دخلت مصطلحات جديدة في التشكيك والاتهام والشتم، فمنها اتهام البعض بأنهم بربر، وأنا لا أعرف ما هو المعنى الذي يريده من قال هذه الكلمة عندما أطلقها، وهناك من قال أنهم طراثيث، علما أنه أقل حسبا ونسبا من أي مواطن كويتي في هذه الأرض الطاهرة، إلا أنه الفكر الذي يراد لهذا الشعب أن نخنع بإطلاقه لهذه الألسن العفنة.
من يسعى لإخناع أحرار هذا الوطن هو الخطر الحقيقي عليه، لأن الدولة التي تقوم على سيطرة العبيد هي دولة مآلها الزوال لا محالة، علما أن الحرية هي الأساس في النفس البشرية، بينما ما يراد لهذا الشعب هو الأمر الشاذ الذي يريد للناس أن تتجه عكس فطرتهم البشرية التي فطرهم الله عليها، وفي ذلك يقول الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا”، فهل بعد هذا القول قول آخر.
الشباب الذين دخلوا في مجلس الأمة يوم الأربعاء الماضي، هم شباب دخلوا المجلس وهو نظيف وخرجوا منه نظيفا كما دخلوه، بينما دخل المجلس عددا من النواب القبّيضة الذين تركوا نجاستهم في المجلس بعد أن استباحوه واعتبروه مقرا لعقد صفقات الرشى وبيع الذمم والمتجارة بإرادة الأمة، وعلى ذلك فإن من يضخم في مسألة دخول الشباب هم من يبحث عن الجنازة ليشبع فيها لطما، فمن لم تغضبه الرشى المليونية والتحويلات الخارجية وشطب استجواب من جدول أعمال المجلس لا يحق له أن يدعي خوفه على البلاد ولا يملك نفسه حتى يعطي المواعظ لغيره.
من يجلس في بيته “كافيا خيره شره” هو حر في موقفه، ولا يملك أحد أن يتهمه أو يطلب منه شيئا، لكن أن يتعرض هؤلاء لمن رفض الخنوع والاستسلام فهو عبد جديد من عبيد هذا العصر، فالعبودية للمال هي العبودية الجديدة، ومن يسعى لشراء الناس هو المالك الجديد لهؤلاء العبيد.
غريب أن يطلب عبدا من الحر أن يصبح عبدا مثله، وإذا ما رفض هذا الحر العرض، غضب العبد، فعلا هي فلسفة العبودية الجديدة.
أضف تعليق