آراؤهم

عفت سلام… لست طالبا متفوقا

 قالت لي قبل 12 عاما، وهي التي ما إن تودع طالبا متفوقا حتى تستقبل الآخر، “كم نسبتك يا ابني ومن أي مدرسة تخرجت؟”، ظنت أم هاني بعدما أجلستني أمام مكتبها في “الراي” وقد نال منها التعب جراء إنهاك العمل وإعياء كثافة المقابلات الصحافية مع الطلاب والطالبات خريجي العام 1999 ،أني أحدهم، وأني قدمت إليها لتجري معي مقابلة بعد تفوقي، فقلت لها أستاذة عفت: أنا لست طالبا متفوقا، أنا “مشروع صحفي”، أمرني رئيس قسم المحليات أن أساعدك في استقبال الطلاب وإجراء الحوارات القصيرة معهم، يعني أنا زميلك.


لمعت عيناها ولم تنجح في إخفاء ابتسامة تمكنت من محياها.


رفعت حاجبا وقالت “زميلي، طيب حكتبلك الأسئلة التي حتسألها للمتفوقين يا زميلي، وإذا احتجت حاجه أنا أدامك أهو اسألني على طول”.


أحتاج أن أسألك يا أم هاني، نعم لدي الآن أسئلة كثيرة، هل ستجيبينها الآن أم فات أوان الإجابة يا من كتبت لي أسئلة المهمة الصحفية الأولى؟.


أم هاني أعطيتني الأسئلة وغادرتي، من سيدلني على الإجابة الآن ؟.


عفت سلام، تبا لـ”سلطان” الحيرة الذي استباح تفكيري بلا “عفة”، وسحقا لـ”سرطان” البدن الذي غزا أعضائك وأسقط كل اتفاقية “سلام”.


بعدا لأيام لم نعشها ولم نعمل فيها معك، بل معكم يا مجموعة “مجنونة” لا تعرف غير الإبدع سبيلا في العمل، باسم وجمعة والقريشي وحامد وفرحان ومخلد وحسن وخالد وعيد وهيثم والثنائي “العليان”.


في تلك الزاوية في جريدة “الراي” التي إن جلسنا حولك فيها ننقطع عن العالم وننغمس في الأحاديث المضحكة الممزوجة بالحذر من أن نرمي كلمة توحي بـ”قلة أدبنا” حتى لا تقطبي لنا حاجبيك وتقولي “اختشي يا واد”، كان صوتك الحاد نوعا ما يخترق صالة قسم المحليات إما لسؤال ذاك الـ”باسم” الـ”الحاج” يوميا حول بيت الأخلاق العتيق، أو لتنبيه “جامع” “العلو” في الطبع الرفيع، الجالس “دائما” في الزاوية المقابلة لك.


أم هاني، هل كنت مصرية أم كويتية أم عربية “شاملة” ؟


الناظر إليك لا يستطيع أن يزيل صورة مصر المهيبة وأم كلثوم من ذهنه، لكنه، في الوقت ذاته، لا يفلح في إزاحة الطابع الكويتي عن هالتك، وآه كم “هالتك” الشابة التي ترافقك أحيانا إلى الصحيفة حزينة الآن؟.


أم هاني وهالة، أم المحليات في “الراي”، بل في “الرأي العام”، عفت سلام، لم نستطع أن نفرق بين الشخصيتين المصرية والكويتية، ربما لأن الجذور اختلطت بالتاريخ، أو لعل دماؤك الطيبة تجمع، لكثرة حنانها وعطفها وإشفاقها، كل ما يختلط ويدنو منها، فضمت حتى ذاك “الخبيث” الذي أنهكك.


أتذكر جيدا حين كان أحمد القريشي، القريب جغرافيا من مكتبك، يحاول، بتخطيط متقن مع حامد الجوراني، “إقرار” البسمة بـ”إجماع” مجموعتنا “الصايعة” المجنونة على وجهك البشوش الضاحك بطبيعة خلقه وتصويره، عبر استخدام “مقالب” تخرجنا إلى حين من “مقلب” الصحافة.


في ذلك الركن الصغير الذي يلملم شتاتك حين تستريحين من “أوردر” نزل عليك بقصف “باسمي” مكثف، نجتمع حولك يا كريمة الأخلاق واليد، القصة تطول… ثم افترقنا.


يؤلمني حين أعلم أننا لن نجتمع ثانية يا “عفيفة” بنت “السلام” غير المشروط مع أحد.


 أول كلمات سمعتها من أم هاني، “هانئة” المعشر التي لا تنفك تريك يوميا وبالممارسة أن الحياة “هينة” وأن مشاكلك وهمومك “أوهن” من بيت العنكبوت، حين سألتني كم نسبتك؟ ومن أي مدرسة تخرجت؟.


أم هاني أنا خريج عام 1998 ، أي قبل سؤالك بعام واحد، بعض الأسئلة يأتي متأخرا، وكذلك تجيئ بعض الإجابات، لكني لم أنه الدراسة بعد، بل بدأتها حين تعرفت إليكم.