أقلامهم

محمد الجاسم يستلهم التاريخ ليكتب سوالف شيوخ

محمد عبد القادر الجاسم
“سوالف شيوخ”!
في خضم التوتر السياسي الذي نعيشه هذه الأيام، والانشغال في متابعة موضوع اعتقال شباب الكويت ومخططات الاعتداء على النواب، لم أتمكن من كتابة مقالي الأسبوعي، لذلك رأيت أن أسرد للقراء قصص من تاريخ الكويت، فحسب علمي فإن بعض الشيوخ يقرأون مقالاتي، فعسى أن تكون لهم فيها فائدة.. أو على الأقل تسلية!
القصة الأولى:
“كان جابر (الحاكم الثالث للكويت، 1813ـــــ 1859) كريما حتى لقب بجابر العيش لكثرة ما يتصدق به على الفقراء والمساكين، والعيش يطلق على الرز. وكان إلى جانب كرمه عاقلا حليما حازما محبا لأهل بلده، ساعيا إلى راحتهم. ومن ذلك أن ابنه صباح وضع ضريبة على الدكاكين بإغراء من بعض أصحابه وبدون علم أبيه، ولم يستطع رجل فقير أن يدفع شيئا عن حانوته. فلم يقبل صباح عذره فاضطر الرجل إلى إنهاء الأمر لدى أبيه، وفي مجلسه العام وبين الناس شرح له شكايته وما هو فيه من ضائقة وطلب منه إعفاءه من هذه الضريبة. عندئذ دهش جابر مما سمع والتفت إلى جلسائه يستفهم منهم عن الحادث فأخبروه بأن ابنه صباح وضع هذه الضريبة، فأرسل إلى ابنه صباح وأغلظ عليه في القول لعمله المشين وقال له: إن لأهل الكويت علينا حقوقا عظيمة ولو كانت تحت يدي ثروة طائلة لقمت بحاجات القراء والمحتاجين منهم إلى أن يموتوا”. 
القصة الثانية:
تولى الشيخ صباح الثاني (1859ـــ 1865) الحكم بعد وفاة أبيه. “وقد اتسعت التجارة في عهده، وكثرت الأموال، فأراد أن يضع رسوما جمركية على البضائع الخارجة من الكويت، ولكن التجار لم يوافقوه وصارحوه بقولهم: لا نقبل أن تجعل على أموالنا ما لم يجعله أبوك ولا جدك من قبلك، فتلطف في إقناعهم ولكنهم لم يقتنعوا وقالوا له: كلنا تحت أمرك وطوع إشارتك وأموالنا وقف على ما ينتابك من التكاليف وما تحتاج إليه.
القصة الثالثة: 
كان “عنبر” من العبيد المقربين إلى الشيخ صباح، وكان عمله تحصيل الرسومات، وكانت هناك قافلة تريد السفر إلى نجد وفيها كثير من أموال الكويتيين، فطال مكثها ولم يحصل عليها رسما، فخاطبه “عبدالله العنقري” أحد وجهاء الكويت، فأغلظ “عنبر” له القول، فأفضى الأمر إلى التساب بينهما. وبعد ذلك رأى عنبر عبدالله منفردا فانهال عليه ضربا حتى أغمي عليه. وهنا ثار وجهاء البلد وأعيانها على ما عمله عنبر. فذهبوا إلى الشيخ صباح وطلبوا منه أن ينفي عنبرا خارج الكويت لعمله الشنيع. فلم يوافقهم صباح وقال لكم علي أن أفصله من عمله واضربه وأسجنه. فقالوا لا يرضينا إلا نفيه، وإذا لم تستجب لطلبنا فسوف نغادر الكويت غير آسفين عليها. فقال لهم كيف يسعكم ذلك وهي أمكم؟ فقالوا يسعنا لأنها أساءت إلينا ولم تعطف علينا. فقاموا من عنده مغاضبين، وكان ابنه الشيخ محمد حاضرا في المجلس، فرأى على وجوههم تصميما على الهجرة. فشق عليه الأمر ونهض من وقته إلى عنبر… إلخ”. 
“المصدر: من تاريخ الكويت، سيف مرزوق الشملان”.