محليات

بينما لا يزال صاحبها معتقلاً
صرخة مدون أطاحت بالحكومة والمجلس

في 14/10/2009، ومن مدونة “الطارق”، التي يديرها ويكتبها الناشط السياسي والمعتقل حالياً، طارق المطيري، انطلقت دعوة هي أقرب إلى الصرخة إلى المدونات الكويتية تحت عنوان “إلى المدونات الكويتية مع التحية”، دعا فيها المطيري إخوانه وأخواته من المدونين إلى “كلمة سواء” يجتمعون حولها تاركين خلافاتهم جانبا متوحدين حول فكرة واحدة تنتشلهم من سوء المصير، كما أسماه، الذي ينتظرهم كشعب وكدولة. من تلك الدعوة الصرخة التي أطلقها طارق المطيري انطلقت حملة “أرحل نستحق الأفضل” التي تصاعدت على شكل حملات الكترونية واعتصامات وندوات ومسيرات إلى أن أسقطت حكومة الشيخ ناصر المحمد في 28/11/2011 وأخذت معها مجلس الأمة الذي يتوقع أن يصدر مرسوم حله دستورياً مساء اليوم الموافق 30/11/2011.
في اليوم التالي للدعوة التي أطلقها المطيري تحددت ملامح هذه الحملة بشكل أكبر وحددت هدفها الرئيسي وهو كما جاء في مقال نشره في مدونته بتاريخ 15/10/2009 ينحصر في (رفض استمرار الإدارة الحكومية في إدارة الدولة ومطالبة رئيس الوزراء ناصر المحمد بالتنحي عن الحكومة) وحدد المقال عنصرين رئيسيين يستند عليهما هذا الهدف المعلن وهما:
الأول: أن المسؤولية السياسية عن تدهور حال البلد ملقاة سياسياً ودستورياً وأدبياً على رئيس الوزراء بشكل رئيسي، وبالتالي عليه سياسياً ودستورياً وأدبياً تحمل نتيجة الفشل المتواصل لإدارته.
الثاني: أن رئيس الوزراء قد استنفذ جميع الفرص الممكنة والمقبولة، بل أنه أتيح له ما لم يتح لمن قبله من رؤساء الحكومات  فهو أعطي بدل الفرصة ست فرص متتالية، وأجريت (…) ثلاث انتخابات برلمانية، وضمن في جيبه أغلبية برلمانية مريحة، وفاض المال وعائدات الدولة، (…)، ومع ذلك لا يبدو أبداً أي بصيص أمل في نجاحه، بل لا يمكن أن يتصور عاقل أن تتهيأ ظروف أفضل من التي تهيأت له فيحسن من مسيرته.
وفي 27/10/2009، كانت الحملة على موعد مع اختيار أسمها وهو (نستحق الأفضل فلو سمحت ارحل) ووضع لها بانراً خاصاً بها أنتشر انتشارا كبيراً في المواقع الالكترونية بالإضافة إلى إنشاء مجموعة على موقع الفيسبوك تحمل ذات الاسم مدشنة بذلك أولى الخطوات العملية لهذه الحملة.
تفاعل المدونات الشبابية مع الحملة كان كبيراً بشكل ضمن لها انتشاراً سريعاً حيث تبنت المدونات التالية مسؤولية نشر الفكرة في أوساط الشباب وهي (مدونة حمد، مدونة الحلم الجميل، مدونة بوسند، مدونة فريج سعود، مدونة جبريت، مدونة استراحة التناكر، مدونة أهل شرق، مدونة الراية، مدونة وجهة نظر، مدونة المقدمة، مدونة الدستور، مدونة هالحزة، مدونة حبك يا وطن، مدونة كويت الخير، مدونة العرزالة)، بالإضافة إلى التحاق أكثر من 200 عضواً خلال 24 ساعة لمجموعة الحملة في موقع الفيسبوك كما تذكر مدونة الطارق في أحد مقالاتها. ومع تسارع انضمام المدونات الكويتية إلى الحملة وتسجيل أعداد متزايدة من المنضمين للحملة في موقعها على الفيسبوك تبينت ملامح حملة جادة ذات هدف واضح ومحدد ليصبح اسمها الرسمي (أرحل.. نستحق الأفضل).
لم تلبث قنوات وصحف الأعلام المناصر لسمو رئيس مجلس الوزراء المستقيل كثيراً حتى بدأت بالهجوم على الحملة ومنظميها تارة بوصفهم بـ”الشباب الغض” وتارة بوصفهم بـ (المافيا الإعلامية التي تحاول ضرب شعبية المحمد) كما ذكرت أحد الصحف المحسوبة على المحمد.
انفجرت خلال تلك الفترة القصيرة أحد أهم قضايا المال السياسي في تاريخ الكويت وهي قضية شيكات الرئيس ومصروفات ديوانه والتي على أثرها قدم النائب د. فيصل المسلم استجواباً لرئيس الوزراء آنذاك، لتنطلق بعد ذلك مدونة الحملة بتاريخ 9/11/2009 ، ودعت إلى اعتصامها الأول في ساحة الإرادة بتاريخ 16/11/2009 ليكون “الاعتصام الأول” الذي يطالب برحيل رئيس الوزراء وتنحيته عن مسؤولية رئاسته وقد ذكر الطارق في مدونته الفقرة التالية:
“لا أريد تضخيم الاعتصام وإعطائه أكبر من حجمه ولكنني أيضا لا أستطيع التقليل من شأن لحظة تاريخية فارقة تدشن لمرحلة جديدة من المحاسبة الشعبية لأعلى منصب تنفيذي في الدولة ، إنه وبغض النظر عن الإخراج وما ستكون عليه الأمور بعد سويعات علينا أن نتذكر كل الأسماء والمشاهد ونوثّقها في ذاكرتنا وفي تراثنا السياسي .
بعد سنوات وأجيال من اليوم سيتحدث الشعب عن تلك الفترة من تاريخنا السياسي وسيدرسها الباحثون وسيشهد التاريخ علينا جميعا وعلى مواقفنا كيف كانت وإلى صف من انحازت.

عني شخصيا أعتز وأفتخر بمثل هذه المواقف التاريخية التي ربما هي اليوم لا تساوي شيئا في أعين الكثيرين وكذلك هي اللحظات التاريخية حين تبدأ صغيرة وربما لا يلتفت لها لكن أثرها سيمتد لأجيال وأجيال ، ربما لن يتذكر أحد أسماءنا وشخوصنا في جنب قضية وطنية كبرى لكننا حتما سنذكر ذلك لأبنائنا ونفاخر بذلك .”
وتوالت الأحداث ما بين اعتصام واستجواب وفضائح مالية وإدارية على حكومات الشيخ ناصر المحمد، لتثبت حقيقة ما كتبه “المعتقل” طارق المطيري عن هذه “اللحظة التاريخية”، وليتحقق بعد عامين وشهر وأسبوعين “رحيل” الشيخ ناصر المحمد عن منصب رئيس مجلس وزراء حكومة دولة الكويت بفضل “صرخة” كانت على هيئة “دعوة” أطلقها مدون من خلال مدونته.