أقلامهم

أمين معرفي يتحدث عن دور أسرة آل الصباح في بناء الحسينيات والتواجد فيها

آل الصباح.. والمجالس الحسينية
أمين معرفي



يجتمع محبو آل البيت – عليهم السلام – في الحسينيات، لإحياء المناسبات الدينية، لا سيّما في شهر محرم الحرام من كل عام، لما لهذا الشهر من قدسية لاستشهاد سبط رسول الله مع أهل بيته ونفر من أصحابه الغر الميامين في ساحة الشهادة، بأرض كربلاء الطاهرة، لذا يطلق مسمى الحسينية نسبة للإمام الحسين – سلام الله عليه – على المكان أو المجلس الذي يجتمع فيه محبوه للاستماع الى المواعظ والدروس والسيرة العطرة لآل البيت – عليهم السلام – من خلال الذكرى العظيمة، التي يفوح منها عبق رسالة الإسلام، الذي جاء به رسول الأمة محمد بن عبدالله – عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام – كما لهذه المجالس الحسينية دور مهم في الحياة الاجتماعية للناس، حيث تقام فيها «الفواتح» لتلقي العزاء وإقامة المحاضرات والمواعظ والدروس التوعوية.
ونظرا الى أهمية هذه المجالس الحسينية في حياة المجتمع الكويتي فكّر البعض من الخيّرين من أهل الديرة في إقامة الحسينيات، بعد أن كانت هذه المجالس تقام في المساجد والديوانيات، وكان لهم ذلك، حيث بنى المرحوم الحاج محمد حسين نصرالله معرفي الحسينية الأولى في منطقة شرق، وسمّيت حسينية معرفي الشرقية عام 1905، ومن ثم دعت الحاجة إلى بناء حسينية أخرى أكبر مساحة من الأولى، لعدم قدرتها على استيعاب الأعداد الكبيرة من المواطنين، وتم ذلك عندما قام المرحوم الحاج عبدالكريم معرفي في عام 1916، بشراء قطعة أرض لذلك، ورصد مبلغا من المال للبناء، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن! حيث تعطلت عملية البناء للظروف السياسية التي كانت تعصف بالعالم في تلك الفترة، بسبب الحرب العالمية الأولى، وأدت إلى شح الأموال للظروف الاقتصادية التي تمر بها دول العالم، لذا اضطر المرحوم الحاج عبدالكريم معرفي الى مناشدة أهل الخير ووجهاء البلاد، للمساهمة في التمويل لإنجاز العمل، وما كان من أسرة الخير (آل الصباح) وفي مقدمتهم – المغفور له بإذن الله – الشيخ مبارك الصباح، حاكم البلاد، بمساهمة خيّرة وفعالة، كما تبرع – المغفور له بإذن الله – الشيخ جابر المبارك الصباح بمنزل مجاور للحسينية، لاستخدامه مكانا للطبخ، إلى جانب المبالغ التي رصدت من بعض أفراد عائلة معرفي لإنجاز الحسينية، كما تبرع حاكم عربستان الشيخ خزعل خان بشحنة من التمور، قيمتها السوقية في تلك الفترة تقدر بعشرة آلاف روبية، ولكن السفينة التي حمّلت بها طبعت، أي «غرقت» في عرض البحر، ولم تتم الاستفادة من ريعها، وقد أطلق البعض على الحسينية مسمى «الخزعلية»، وذلك لاعتياد الشيخ خزعل الجلوس عند مدخل الحسينية كحال غيره من الناس عند قدومه للكويت، بسبب بعض الظروف السياسية التي كانت تعصف بالمنطقة – آنذاك – حيث اعتاد الناس رؤيته ونسبت إليه بسبب ذلك، وليس لأي سبب آخر. لذا، أصبحت مداولة المسمى شائعة للتفرقة بين حسينية معرفي الشرقية والقبلية، وتم افتتاح الحسينية عام 1918، وقد تولى إدارتها الكثير من محبي أهل البيت، وبعد برهة من الزمن دعت الحاجة إلى التوسعة، وقد تبرع – المغفور له بإذن الله – الشيخ عبدالله السالم الصباح بمبلغ خمسين ألف روبية، كما تبرع – المغفور له بإذن الله – الشيخ صباح الناصر المبارك الصباح بمبلغ ثلاثين ألف روبية، كما كانت للكثير من الاخوة التجار مساهمة فعالة في التبرع بمبالغ نقدية، وقد تم شراء بعض البيوت المجاورة للحسينية، بغرض التوسعة. وتم ذلك – ولله الحمد – بفضل حكام أسرة الخير وأهل ديرة الخير، ومن ثم قام الكثير من أهل الخير ببناء الحسينيات في فترة الخمسينات من القرن المنصرم.
وعند إقامة الشعائر الحسينية في شهر محرم قام الكثير من أفراد أسرة الخير (آل الصباح) بتزويد الحسينيات بخياش العيش (الأرز) والذبائح لطهوها وتوزيعها على الناس – كالعادة – يوم العاشر من محرم والتواجد في المجلس الحسيني، مما يدل على اللحمة الوطنية وتماسك أهل الديرة بمختلف أطيافهم في مختلف المناسبات، وأدى ذلك إلى تقوية الجبهة الداخلية العصيّة على الأعداء المتربصين بها السوء، فحريّ بنا استخلاص الدروس والعبر منها، حتى نعبر بسفينتنا إلى بر الأمان، بقيادة أسرة الخير آل الصباح.
اللهم احفظ الكويت وقادتها وأهلها الشرفاء من كل مكروه.