أقلامهم

الوحدة الوطنية أول خطوة لتفادي المستقبل المجهول .. حسن جوهر

د. حسن عبدالله جوهر
المستقبل المجهول!
لا ينقصنا سوى رؤية حكومية شجاعة وصادقة لمعاني الوحدة الوطنية والشراكة من أجل بناء وطن للجميع دون الرضوخ لأصحاب النفوذ لتحمل لواء هذا المشروع؛ لتجد التأييد والترحيب من الجميع، أما تنوع المشاركة الشعبية في حمل مثل هذه الأمانة فهو صمام الأمان للجميع.
على عكس ما قد يدعيه البعض بأننا نسير نحو مستقبل مجهول أو في نفق مظلم، فإن مسار الأحداث والتطورات السياسية على أرض الواقع تتجه نحو نتائج متوقعة تفرضها طبيعة المرحلة وأدواتها وعناوينها الرئيسة، ونكررها مرة أخرى سواءً ارتضينا بها أو رفضناها، تفاءلنا بها أو تشاءمنا منها، ربحنا منها أو خسرنا بسببها.
وأولى هذه المحطات كانت سقوط الحكومة وانتهاء عهد الشيخ ناصر المحمد، وسوف تتلوها محطة الانتخابات المبكرة والعودة إلى صناديق الاقتراع، حيث يتوقع تفوق تيار المعارضة وتراجع حظوظ الموالاة، أما المحطة التي قد نتوقف عندها كثيراً فهي الإيداعات المليونية التي قد تفتح ملفات أخرى مثل العقارات وأملاك الدولة والإيداعات المليونية الخارجية التي قد يذهل منها الكثير، وعندها نعرف حجم الفساد الحقيقي في السلطة التشريعية!
وهذه المطالب الثلاثة أصبحت في عهدة أغلبية الشعب الكويتي وبالذات شريحة الشباب، وبإصرار لم يشهد مثيلاً، الأمر الذي يعني لا يمكن الرجوع عنها لأنها سوف تترجم على أرض الواقع، ونكررها أيضاً شئنا أم أبينا.
ولذلك فإن الانسلاخ من هذا الواقع أو محاولة إنكاره أو حتى الاستحياء منه والتخوف والقلق من تداعياته يعتبر خطأ فادحاً أو على أقل التقديرات قصورا كبيرا في النظر، فالأيام القادمة سوف تشهد ولادة مرحلة جديدة، نعم قد تتغير فيها موازين القوة والنفوذ والتأثير في القرار، ولكن يجب على الجميع من قوى سياسية أو مكونات اجتماعية أن يشتركوا في صياغة معالمها وثوابتها وقواسمها المشتركة، فكما للحكومة أخطاء فادحة وفي مقدمتها احتضان مختلف أشكال الفساد فعلى البعض في صفوف المعارضة المتنوعة اتهامات بالفساد، وإن لم تكن بالأرصدة المتضخمة فقد تكون بالمناقصات، وقد تكون بالواسطة والمحسوبية، وقد تكون بأملاك الدولة، وقد تكون بمحاصصة توزيع المناصب القيادية، وقد تكون بإضعاف هيبة القانون، وقد تكون بالطرق الملتوية للوصول إلى مقاعد البرلمان، وغير ذلك من التهم التي تتحمل الحكومة وزرا منها أيضاً؛ لأنها السلطة التنفيذية وتناط بها السياسة العامة للدولة وتطبيق القانون، وهذه بالتأكيد أخطر وأهم تحديات الحكومة القادمة والمجلس الجديد.
أما حلول مثل هذه المشاكل فالكثير منها جاهزة ومعدة بشكل جيد، ولكنها مجمدة في لجان المجلس وجدول أعماله، بدءاً بقوانين محاربة الفساد وإصلاح وتطوير المرفق القضائي، وتعيينات المناصب العليا، وتعديل قانون المناقصات والشركات، وآليات تنفيذ مشاريع التنمية وتطوير التعليم، وغيرها الكثير من المواضيع التي قد تدور في ذهن أي مواطن، وترقى إلى طموحاته، وبذل من أجلها الكثير، وساهم في إعدادها نواب من مختلف المشارب والتوجهات مجتمعين، ومعظمها من أعضاء المعارضة تحديداً والمتهمون بالتأزيم!
ولا ينقصنا سوى رؤية حكومية شجاعة وصادقة لمعاني الوحدة الوطنية والشراكة من أجل بناء وطن للجميع دون الرضوخ لأصحاب النفوذ لتحمل لواء هذا المشروع؛ لتجد التأييد والترحيب من الجميع، أما تنوع المشاركة الشعبية في حمل مثل هذه الأمانة فهو صمام الأمان للجميع، وبنتائج إن لم يقبلها الكل عن قناعة فعلى الأقل يحترمها أو هكذا يجب أن يكون!