أحمد الديين
لماذا لم تتكرر سابقة 2009؟!
في 16 مارس من العام 2009 تمّ قبول استقالة الحكومة الخامسة للشيخ ناصر المحمد إثر توجيه ثلاثة استجوابات نيابية متزامنة له، ومع ذلك وجدنا أنّ تلك الحكومة قد اجتمعت بعد يومين من صدور الأمر الأميري بقبول استقالتها وتكليفها بتصريف العاجل من الأمور حيث أقرّت في 18 مارس من ذلك العام مشروع مرسوم بحلّ مجلس الأمة وفق المادة 107 من الدستور وعرضته على صاحب السمو الأمير لإصداره… وقد ثار حينذاك بعض الجدل الدستوري حول تلك السابقة وحدود اختصاصات حكومة تصريف العاجل من الأمور؛ وما إذا كان يقع ضمنها إصدار مرسوم الحلّ؟!
والآن، ومع أنّ الأسباب التي تفرض ضرورة تلبية استحقاق حلّ مجلس الأمة الحالي أقوى وأوجب بكثير من الأسباب المتصلة بحلّ المجلس في العام 2009، بحيث كان يفترض الأخذ بتلك السابقة بعدما تمّ قبول استقالة الحكومة الأخيرة لناصر المحمد، إلا أنّه مع ذلك لم يؤخذ بها… وهذا ما يثير أكثر من تساؤل عما إذا كان السبب يعود إلى حرص مفاجئ على تطبيق الإجراء الدستوري السليم وتجنّب أي جدل أو اعتراض يمكن أن يثور؟… فإن كان الأمر كذلك، فهذا حسن، ولكننا لم نعتد من السلطة مثل هذا الحرص الشديد على تطبيق الإجراءات الدستورية السليمة… أم أنّ السبب يعود إلى “حرص” جاسم الخرافي على استمرار المجلس الحالي وما يتردد أنّه قد أثار تحفظات حول مدى سلامة قيام الحكومة المستقيلة بعرض مرسوم حلّ مجلس الأمة قافزا على سابقة 2009 ومحاولا تأجيل ما لا يمكن تأجيله؟!
أم أننا إزاء مخطط مقصود ومناورة سياسية جديدة تحاول كسب الوقت واللعب على التناقضات؛ بحيث يتمّ الاكتفاء بخطوة تكليف رئيس جديد للحكومة مع استمرار الوضع على ما هو عليه من دون تغيير تحت ذريعة سلامة الإجراءات؟!
أم أنّ الأمر يعود إلى التخبّط المعتاد في اتخاذ القرارات والارتباك المعهود في الخطوات، خصوصا مع تسارع الأحداث وضغط الشارع؟!
أيًّا كان السبب، فإنّ استحقاق حلّ مجلس الأمة لم يعد خيارا قابلا للتأجيل ولا يصحّ إن يكون مادة للمناورة وكسب الوقت، في وقت لا مجال فيه لمثل هذه المناورات، إذ أنّ تأخر تلبية مثل هذا الاستحقاق السياسي الملح سيثير العديد من التساؤلات ويستحث الكثير من الشكوك، وربما سيقود إلى ردّة فعل غاضبة أخرى في صفوف قوى الحراك الشعبي المستفزّة تجاه أي سلوك سلطوي مريب… ومن هنا فمن الحكمة البحث عن مَخْرَج سريع قبل أن يتحوّل تأخر قرار حلّ المجلس إلى مادة جديدة للصراع السياسي المحتدم… وبالتالي، فإما أن يُعاد اتباع سابقة 2009، بحيث تجتمع حكومة تصريف العاجل من الأمور المستقيلة برئاسة ناصر المحمد وتعرض مرسوم حلّ مجلس الأمة على صاحب السمو الأمير، مثلما سبق أن فعلت، بشرط ألا تتولى هذه الحكومة المعيبة ورئيسها المجبر على الاستقالة إدارة الانتخابات النيابية المقبلة، وإنما يُعهد أمر إدارتها إلى الحكومة الجديدة وإن كانت مؤقتة ومصغّرة … وإما أن يسرع الرئيس المكلّف بتشكيل مثل هذه الحكومة، بحيث تبادر في اجتماعها الأول إلى إقرار مشروعي المرسومين الأميريين المتصلين بالحلّ ودعوة الناخبين إلى انتخاب مجلس الأمة الجديد؛ وتتولى بعد ذلك إدارة الانتخابات… وغير ذلك عبث غير مأمون العواقب!
أضف تعليق