عبدالوهاب راشد الهارون
الاستقرار السياسي والاقتصادي بوابة العبور للتنمية
هناك اليوم إجماع وطني على تحقيق التنمية في الكويت لتحتل مركز الصدارة على مستوى منطقة الخليج، وهو المركز الذي طالما تميزت به وجعلها على الدوام سباقة في مضامير التقدم والريادة، وتجلى هذا الإجماع الوطني في رؤية كويت الغد وحلم الكويتيين بأن تعود الكويت لتتبوأ المركز المالي والتجاري الأول، وأن تستعيد دورها الريادي في مجالات التجارة والمال والأعمال، باعتبارها واحة أمن واستقرار. ومن هذا المنطلق، فإن هذا الإجماع الوطني يراهن اليوم على خطة التنمية باعتبارها بوابة العبور إلى طموحات جميع الكويتيين وتطلعاتهم، لكن الدخول إلى المستقبل المشرق والغد المنشود في عالم الحداثة والمعاصرة يتطلب استنهاض الهمم وتطوير القدرات والإمكانات الملبية لمتطلبات التنافسية على المستويين الإقليمي والعالمي، كما يتطلب استعدادات وجاهزية عالية لاحتياجات وتبعات الانفتاح الاقتصادي.
ولكي تتحقق للكويت مقومات التنافسية والانفتاح التي تعيد إليها تألقها التاريخي ودورها الريادي، فإنه لابد من توفير الأجواء الهادئة والحوافز المريحة التي توفر لها قاعدة راسخة من الاستقرار السياسي والاقتصادي، ففي عالم القرية الصغيرة أصبحت التنافسية جزءاً لا يتجزأ من سياسات الانفتاح الاقتصادي في جميع دول العالم، ولا شك أن هناك علاقة وثيقة بين التقدم الذي تحققه خطة التنمية والمركز التنافسي للدولة، فكلما نجحت خطط التنمية في تحقيق التطور والتقدم تعزز المركز التنافسي للدولة على المستوى العالمي، والانفتاح الاقتصادي ركن أساسي في توجهات وسياسات التنمية، ويهدف إلى رفع القيود والمعوقات أمام انسيابية الحركة التجارية والأعمال الاستثمارية التي هي العمود الفقري للتنمية الاقتصادية، فمن دون تجارة حرة وأبواب مفتوحة للاستثمار يسود التقوقع والانعزالية وتنكمش تدفقات الاستثمارات ورؤوس الأموال وتتوقف برامج التنمية ومشاريعها.
إن الانفتاح الاقتصادي بآفاقه الرحبة عبر الحدود وما وراء البحار هو المدخل الواسع للارتقاء بالتنافسية الكويتية إلى أعلى المراتب، وهو ضمانة التنمية المستدامة التي تحافظ على احتياجات الأجيال الحاضرة من دون الانتقاص من حقوق الأجيال القادمة، لهذا فإن نجاح خطة التنمية في أحد جوانبها المهمة يتضمن دعم سياسات التنافسية والانفتاح الاقتصادي بكل ما يتطلبه ذلك من برامج فعالة وحوافز مجزية لاستقطاب المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال ليس للاستفادة من أموالهم بالمقام الأول، وإنما للبناء على خبراتهم وتجاربهم الريادية في إقامة المشاريع وتطويرها بمشاركة القطاع الخاص ومساعدته على نقل هذه الخبرات والتجارب الناجحة بما يعزز فرص النجاح لخطة التنمية، وهذا يتطلب سياسات مرنة وديناميكية الحركة وإجراءات تتجاوز القيود والمعوقات الإدارية وأشكال الروتين والبيروقراطية التي تعيق انسيابية النشاط الاقتصادي، ولابد أن يتزامن ذلك الأمر مع استقرار سياسي لتشكيل قاعدة الاستقرار الاقتصادي والأمن الاجتماعي اللذين بدونهما لا يمكن تحقيق الأهداف والتقدم المنشود في مستهدفات خطة التنمية، فالخطة تنطلق بشكل رئيسي لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية، وفي غياب عوامل الأمن والاستقرار تتعطل المصالح وتزداد القيود والمعوقات، وتتعرض الجهود الهادفة لدفع عملية التنمية إلى عقبات وعراقيل وإحباطات تكون محصلتها توقف وجمود النشاط الاقتصادي في أجواء الخوف والترقب المصاحبة لحالة عدم الاستقرار وتراجع الأمن الاجتماعي.
وقد حرصت خطة التنمية التي جسدت الإجماع الوطني للكويتيين على تعزيز القدرات التنافسية للمؤسسات المالية وتنويع الأدوات الاستثمارية والمالية لقطاع سوق المال والأعمال، كما أطلقت الخطة العنان للقطاع الخاص للعمل وفق سياسات الانفتاح الاقتصادي للارتقاء بدوره التنافسي إلى أعلى المراتب والمراكز العالمية، إلا أن كل ذلك لا يعفي القطاعين العام والخاص من العمل الدؤوب وبذل الجهود المكثفة لتحقيق الاستقرار السياسي والسلم الأهلي اللذين لا يمكن من دونهما العودة بالكويت إلى تبوؤ المركز الأول كمركز مالي وتجاري إقليمي الذي أجمع الكويتيون عليه وتعاهدوا على تحقيقه والوصول إليه، وهم الذين أدركوا على الدوام أن التنمية تبدأ بالإنسان الكويتي وتنتهي بكل مخرجاتها لمصلحته ومصلحة أجياله القادمة، فالخطة عمل جماعي متكامل يسعى لتحقيق الأهداف من خلال تنفيذ السياسات المعتمدة بالمشاريع التنموية الواعدة التي لا بد أن تتوزع مكتسباتها على خير البلاد والعباد في أجواء الاطمئنان والأمان، خدمة للكويت في حاضرها ومستقبلها، ولتستعيد دورها الريادي الذي جعل منها على الدوام درة الخليج.
أضف تعليق