كتاب سبر

أحرار خلف القضبان

منذ نشأة الكون، ونحن نعلم بأن الحرية كنز من كنوز الحياة الثمينة، فلا يمكن التنازل أو الاستغناء عنها! فهي حق مشروع للأمة ككل ولايختلف عليها اثنان، فهناك الكثير من هم خلف القضبان، وهم بالأصل ” أحرار”!
فيهم من هم أصحاب “كلمة” و “رأي” و “قلم حر”،  فنحن نعلم أن  “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”، فأجمع العلماء والقانونيون على أن اتهام الناس بالباطل هو النيل من كرامة الأحرار، وسلب الحرية بطريقة أو بأخرى، فإن الاتهام الجزافي، والشك في نوايا الناس قد يؤدي إلى الظلم البين، الذي نهى عنه الإسلام، ففي الحديث النبوي الشريف {ادرؤوا الحدود بالشبهات، ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فمن كان له ملجأ، فخلوا سبيله، فإن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة }!
فالعدالة والحرية هما سلاح الإنسان الحر، الذي يريد أن يعيش بهما وبحريته المستحقة، لا بذل وهوان أو نقص من كيانه شيء، فالإنسان غني بإنسانيته وحقه المشروع من الحرية منذ نشأة الحياة، وندرك ذلك تماماً.
 إن أحداث الخلاف بين البشر في الرأي لاتجعل أن يصل إلى اتهام جازف وشك بالنوايا، ولانختلف في أن ذلك كان منذ أيام الصحابة والرسل، ولكن كان حل كل خلاف وفق الدين الإسلامي باتباع الكتاب والسنة، يقول الرسول الكريم: ( إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)، فذلك كان تطبيقاً عملياً على الواقع وليس حبر على ورق، مما قوى من عزيمة الأمة الإسلامية وجعلها متينة، وتقتاد بها الأمم الأخرى، فكانت مسيرة الحق والحرية طريق النجاح في إدارة الحياة العملية في طريق مالا نهاية ولاتوقف! 
نعم هي التي ورثناها من الدين الإسلامي، وهي مصدر إنسانية المرء والنفس، “فإن وجدت وجد كيان الإنسان وإن غابة غاب كيان الإنسان وعزته ” ، فهنا نستدل بحديث شريف: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، نعم التغيير “باليد”.. أي منع ارتكاب الخطأ قبل حدوث مفسدة كبيرة، أوكتابة كلمة حق يراد بها صلاح للأمة، أو التغيير “باللسان”.. أي بالاتعاظ والنصيحة، وقول الحق.. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إما “بالقلب”.. أي هو الدعاء بالصلاح والسلام ودرأ الفتن والعيش بأمن وأمان، فواجبنا كأفراد بالمجتمع الإسلامي الحر”، أن نتعاون في المساهمة على التغيير الأفضل لنهوض الأمة، كما يزيدنا إصراراً بأن الحرية موروثة من الدين الإسلامي، فلن تتزحزح من مكانها الرائد والواقع في الحياة، فحالنا اليوم هو تسليط الضوء على من يريد أن يبدي رأيه بقول أو بكتابة عن واقع مرير، فيجد الطريق بغتة أمامه يغلق ويكبح مسيرته التي شرعها له الله سبحانه وتعالى، وزيادة عن ذلك شرعها له الدستور الذي هو القانون الإنساني ” لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما”، فتلك الأحداث السابقة التي عشناها في ظل الظروف العصيبة، وفيها تم حجز أصحاب الرأي وأصحاب الأقلام المنيرة الحرة!! فهم لجؤوا إلى المطالبة بالتغيير وكتابة الحدث، وذلك بخوفهم على تلك السفينة من الغرق! فتلك هي وسيلة يستخدمها أبناء الشعب الحر؛ للتعبير عن مافي خاطرهم ومايشهدونه من أحداث مغايرة من واقع مرير وملل!!
فهنا عندما حدثت وظهرت تلك المطالبات بتغيير “رئيس الوزراء ” و “حل مجلس الأمة”، هو نتيجة استياء يعاني منه عدد كبير من أبناء الشعب تجاه بعض نواب الأمة؛ بسبب خذلانهم بالمواقف، وحول حوم شبهات ذممهم المالية التي أوصلتهم إلى اكتساب مصالحهم الخاصة والصعود على حساب مصالح أبناء الشعب الحر، فكان من أبناء الشعب من يقول رأيه بالقول وبشفافية وحرية، ومن كان يقول رأيه بما يراه ويسمعه بالكتابة والنشر، فحينها تم حجز بعض من عقدوا اعتصامهم في ذلك الوقت الذين تم اتهامهم من قبل مكتب مجلس الأمة!! بتهمة ” دخول مجلس الأمة “، فنذكر بعض الأسماء ومنها الزميل الحر ؛ أنور الفكر.. الذي كان يقوم بتغطية الحدث كمحرر صحفي حين تواجده في تلك اللحظة، فذلك القلم الحر المسالم المستنبط للأحداث! يصبح متهم لتغطيته أحداث ذلك اليوم، فهذه ضريبة ولاء لعمله؛ كونه صحفي لجريدة حرة نزيها ومشهود لها بالشفافية في تغطية الأحداث والبعد عن التجريح والإساءة، أيضاً نذكر المواطن عباس الشعبي؛ الذي كان متواجدًا برفقة النواب ونحتسبه بحسن نية منه في دخوله للمجلس، فكان له نصيب من ضمن القائمة التي تم حجزهم، فشاهدت موقف لقائه مع ابنه محمد عندما أرسلوه من الحجز إلى المستشفى لتلقي العلاج، فحينها لم يتمالك ابنه محمد شعور اللقاء الذي طال ثمانية أيام بعيد عن والده، فانهمرت المشاعر واللفحة الأبوية!! وهناك بعض المحتجزين من هو المعيل الوحيد لوالدته المعاقه وغيرهم!
أيضاً: وحال باقي المحتجزين، كما نستدل بقصيدة الشاعر أحمد شوقي “قل للرجال: طغى الأسير…. طير الحجال متى يطير؟”
أو هي جناحيه الحديد…. وحز ساقيه الحرير، والسجن في الأكواخ، أو…. سجن يقال له: القصور؟”
 فحرية الإرادة والعقل هي منحة إلهية للإنسان، وفطرة فطره الله عليها، وهذا النوع من ” الحرية الشخصية أو الفردية “، لما له من أهمية لإنسانية الفرد؛ فتلك الحرية التي لاتقاس ولاتتساوى بثمن! من أجل من؟ ولصالح من؟ من أجل الكويت ولصالح الأجيال القادمة، فحب الكويت زرع فيهم الولاء والتضحية بالخوف عليها وحمايتها من كل سوء، فهؤلاء المعتصمون من الشباب لم يقصدوا الإساءة لبيت الأمة.. فكانت لحظة دخولهم مع بعض نواب الأمة، فهم لاسبيل ولاناقه لهم، وزيادة اندفاعهم وحماسهم؛ هي المطالبة بمحاسبة من هم خذلوهم من نواب تدور حولهم الشبهات المالية بقبضهم تلك المبالغ، وغير المواقف المخذلة، فهؤلاء الشباب والمواطنون الأوفياء، هم أحرص في الحفاظ على بيت الأمة، فهذا عهد عاهدوا أنفسهم بالحفاظ على بيت الأمة والديمقراطية والحقوق والحرية، حينها حتى زادت وتيرة المطالبة بحل مجلسي الوزراء والأمة وإخلاء سبيل كل المحتجزين!!
وأخيراً، تميزت تلك الأحداث بالإفراج عن المحتجزين الأحرار! وذلك بفضل قضائنا العادل والرائد بالنزاهة في هذا البلد، بلد الديمقراطية والحرية.

alrifai99@hotmail.com:
تويتر: @BomsaalQ8: