أعلن رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي عدم ترشحه للانتخابات البرلمانية المقبلة، لكنه قال إنه لن ينسحب من العمل الوطني،”لأن الكويت أمانة في أعناقنا جميعاً وهي أكبر من أن تختصر في سلطة أو منصب.. فقد قلتها وسأظل أقولها” شاكراً في بيان له كل من وقف معه وسانده طوال فترة توليه رئاسة مجلس الأمة.
وألمح الخرافي في بيانه إلى وجود خلاف في بيت الحكم مؤكداً إن وحدة الكلمة والتماسك في بيت الحكم هما الأساس والاستقرار السياسي وديمومة النظام.
وقال الخرافي: يجب ألا تؤثر في ذلك مصالح خاصة أو نزاعات شخصية داخل بيت الحكم، فحصانة الكويت وحكمها لاتكون إلا بالتفاف حول القيادة.
وأشار إلى إن الشعب الكويتي بما يمتلكه من وعي ، وما يختزن فيه من حب لوطنه، يتحمل مسؤولية كبيرة في هذه المرحلة، وعليه أن يؤديها بأمانة وتقان وتضحية من خلال اختيار الأفضل للكويت في الانتخابات النيابية المقبلة حتى يسلم هذا الوطن العزيز من حالة التأزيم المتواصل التي لم نجن منها سوى تعطيل مصالح البلاد والعباد.
في مايلي نص البيان:
إلى الأحبة أبناء بلدي
جاسم محمد الخرافي
رئيس مجلس الأمة السابق
الحمد الله على نعمة والثناء على جزيل عطائه ، والشكر والتقدير لأسرتي الصغيرة، ولأسرتي الكبيرة من أبناء الكويت، ولكل من عمل معي وساندني طيلة مشاركتي في العمل السياسي الوطني، حين تشابكت أيدينا في مسيرة من العطاء لهذا الوطن العزيز في سبيل رفعة شأنه. وأعلن لهم جميعاً عن قراري بعدم الترشح في الانتخابات القادمة لمجلس الأمة وهو قرار أشعر معه بالرضا والارتياح، فقد قمت بدوري وأديت واجبي واديت واجبي نحو وطني في مواقع عديده من المسؤولية لم اكن انشد فيها سواء مرضاة الله سبحانه ومصلحة الكويت وراحة الضمير
سنين عديدة أمضيتها نائباً ووزيراً ثم رئيساً للسلطة التشريعية. كانت المسؤولية عندي ومازالت تكليفاً وليست تشريفاً، وكان معيار النجاح لدي هو صيانة الوحدة الوطنية، وتعزيز دولة المؤسسات والقانون، وتكريس العدالة والنزاهة والممارسة الديمقراطية البناءة، والتقدم في المسار التنموي.
سنين مرت كالومضة، ولكنها كانت بالنسبة لي رحلة عمر ومسيرة حياة، اقتسمت حلوها ومرها مع الشرفاء من أبناء وطني، لم أبخل خلالها بجهد على وطني، فأفاء الله علي بفضله، وأنعم علي بمحبة خلقة الذين غمروني بتقديرهم وأكرموني بثقتهم، فوفقني الله بالحول على ثقة الأمة في تسعة فصول تشريعية تبوأت في خمسة منها سدة الرئاسة، فشكري وتقديري لمن لا توفي عبارات الشكر والتقدير حقهم.
عملت واجتهدت طيلة خمسة فصول تشريعية متتالية خلال فترة رئاستي لمجلس الأمة، لم يخل فيها دور انعقاد من أزمة طارئة أو أزمات مختلفة، وحرصت فيها جميعاً على تحقيق الاستقرار والحفاظ على مكتسباتنا الدستورية، تصديت فيها لمحاولات جر الرئاسة الى لعبة المحاور والمصالح الضيقة ، وتعاليت فوق الضجيج.
واليوم بعد تلك المسيرة الحافلة بالجهد والعطاء ، يأبي الأحبة إلا أن أواصل المسيرة، ويعز على مثلي ألا يلبي رغبة من تبوأ مكانة عالية في قلبي وفي نفسي. وإنني إذ أشكرهم على ثقتهم ومشاعرهم الغامرة، فإنني أعتذر عما انتابهم من مشاعر أسف لقراري، وأقدر حسن تفهمهم لأسباب اتخاذي له. فقد كان من ضمن موجباته قناعتي التامة بأن الفرصة يجب أن تتاح لجيل جديد ليؤدي واجبه نحو وطنه، ويقود مسيرة البناء، وثقتي كبيرة بالشباب الواعد الذي يختزن في قلبه حب الكويت وفي عقله طاقة الابداع والعطاء، فهم نصف الحاضر وكل المستقبل، وهم قادة الغد بإذن الله.
إن الشعب الكويتي بما يمتلكه من وعي ، وما يختزن فيه من حب لوطنه، يتحمل مسئولية كبيرة في هذه المرحلة، وعليه أن يؤديها بأمانة وتقان وتضحية من خلال اختيار الأفضل للكويت في الانتخابات النيابية المقبلة حتى يسلم هذا الوطن العزيز من حالة التأزيم المتواصل التي لم نجن منها سوى تعطيل مصالح البلاد والعباد.
وإنني إذ أعلن عدم ترشحي للانتخابات النيابية المقبلة، فإنني اؤكد في الوقت ذاته عدم انسحابي من العمل الوطني فالكويت امانة في اعناقنا جميعا ً وهي اكبر من ان تختصر في سلطة او منصب لقد قلتها وسأضل اقولها.
ان وحدة الكلمة والتماسك في بيت الحكم هما الاساس للاستقرار السياسي وديمومة نظام الحكم ويجب الا تؤثر في ذلك مصالح خاصة او نزاعات شخصية داخل بيت الحكم ومصلحة الكويت وحكامها لا تكون الا بالالتفاف حول القيادة والحسم في القرار.
والديمقراطية لا تؤتي ثمارها بالصراع على المصالح الضيقة وبالتهديد والوعيد، فذلك عدوها الذي يفوضها ويفوض الوطن معها.
والتنوع المذهبي والطائفي والقبلي سمة طبيعية إذا ما تحصن بالحكمة والوعي السليم والحرض الشديد على الوحدة الوطنية، ويتحول إلى خطر داهم في ظل العصبية والتطرف والتشدد.
والاحتكام للدستور والقانون والمؤسسات هو أقصر وأنجع الطرق إلى الحلول والإصلاح، والقفز على ذلك يحيل الديمقراطية إلى فوضى، والرقابة إلى ملهاة، والمحاسبة إلى كيدية، والممارسة الديمقراطية إلى عبث ضار.
والقضاء هو الحصن الحصين لنظامنا الديمقراطي وملاذ الدولة وسورها المنيع، ويجب أن يبقى مستقلاً وقوياً وعادلاً، فعكس ذلك تكون نتائجه مدمرة.
والكويت رديفة وحدتها الوطنية، فإذا أصاب وحدتنا التمزق والتشتت تضررت الكويت، وإذا تضررت لا سمح الله نجخ من يرغب في إيجاد الفتنة في البلاد.
لقد قلت كل ذلك وعملت من أجلة وسأظل أعمل من أجله، ويحق علي في الخاتمة أن أتقدم بعميق شكري وخالص امتناني لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله، وشكري يتواصل لزملائي أعضاء مجلس الأمة والعاملين فيه، ووسائل إعلامنا الوطني، وأعتذر إذا ما بدر مني اي وجه من أوجه القصور فعذري أني اجتهدت، وأدعو العلي القدير أن يوفق الجميع ويحفظ الكويت واهلها من كل مكروه.
والله ولي التوفيق
أضف تعليق