لم تعد كرة القدم ومتعتها داخل المستطيل الأخضر فقط.. أصبح هذا الأمر حقيقة لا يمكن انكارها، خاصةً في ظل تنامي سطوة الإعلام التي تفرض نوعًا آخر من المتعة واللعب.
وفي هذا العصر الكروي، يتم الاسترشاد غالبًا بأي شيء يحدث في اللعبة، بما يقدمه قطبا الكرة الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة، لذا فإن تناول هذا الموضوع سيتم بأفضل صورة، إذا ما تم الاسترشاد بالأساليب التي يتبعها الإعلام الموالي لكل فريق.
الماركا .. فيا يريد الرحيل من برشلونة
وأقرب مثال هو ما حدث اليوم.. فحينما كان الجميع بدأ في تناسي فوز برشلونة على الريال على ملعب السانتياغو برنابيو بنتيجة 3-1، إذ بجريدة (ماركا) المعروفة بانحيازها التام للنادي الملكي تنشر تقريرًا عن أن النادي الكاتالوني يرغب في بيع مهاجمه الإسباني “ديفيد فيا”.
المثير في الأمر أن الصحيفة – التي نادرًا ما تضع صورة لأي من لاعبي البرسا أو جهازه الفني في صفحتها الرئيسية إلا في المناسبات الكبرى – لجأت إلى هذا الأمر وتحتها عبارة (البرسا يرغب في بيع فيا) بخط كبير.
الهدف من وراء هذا الأمر لا يحتاج إلى الكثير من الذكاء.. أولًا إلهاء جمهور الملكي عن الهزيمة، وبدء نقاش حول أسباب هذا الأمر، ومحاولة شق الصفوف الصلبة داخل البرسا، في ظل اعتماد مدرب النادي الكاتالوني مؤخرًا وبشكل كبير على مهاجمه الجديد، التشيلي “أليكسيس سانشيز” الذي أجلس “فيا” على دكة البدلاء.
غوارديولا: (الماركا) تكذب
ولكن البرسا، الذي دائمًا ما ينجح في إدارة هذه الحرب، رد سريعًا بطريقتيّن.. الأولى رسمية والثانية إعلامية، فجاء الرد الرسمي على لسان المدرب “بيب غوارديولا” من اليابان، حيث يستعد فريقه لخوض نصف نهائي مونديال الأندية غدًا أمام السد القطري، صحيح إنه قصيرًا، ولكنه جاء معبرًا، حيث قال بكل بساطة “(ماركا) تكذب“.
سبورت: رونالدو يرغب بالرحيل
أما الرد الثاني.. فتكفلت به صحيفة (سبورت) الكاتالونية التي نشرت تقريرًا عن الحالة النفسية السيئة لنجم ريال مدريد “كريستيانو رونالدو” بعد الهزيمة من البرسا في الكلاسيكو، بل وذهبت إلى ما هو أبعد من هذا، وتحدثت عن رغبته في الرحيل.
ربما يبدو رحيل “رونالدو” حاليًا عن النادي الملكي في ظل تحقيقه أرقامًا قياسية مع الملكي أمرًا من الخيال، ولكن كما يعرف الجميع فإن “الطلقة التي لا تصيب، تقلق“، فنشر مثل هذا الخبر ربما يزيد بشكل أو بأخر الفجوة التي بدأت تظهر بين الجماهير واللاعب، بسبب أدائه الباهت في المباريات الكبيرة فقط، وبالأخص أمام البرسا، فتلجأ الجماهير إلى مهاجمته مجددًا، لتنمو هذه الرغبة لديه حتى وإن لم تكن موجودة.
ريال مدريد حاول تعطيل صفقة فابريغاس
هذه الحرب الاعلامية ليست وليدة اللحظة وهي متكررة، ويكفي إنها سبق وعطلت انتقال “سيسك فابريغاس” من أرسنال الإنجليزي إلى ناديه القديم برشلونة، ففي الوقت الذي كان الجميع يعرف خلاله أن اللاعب يرغب في العودة لناديه القديم، جاء الريال في 2010 ليدخل في الصفقة، ويلقي الحبل لإعلامه ليجذبه ويرخيه كما يرغب، ويزيد الضغط على البرسا من إعلامه وجماهيره، بل ويكلف خزانة الكاتالوني مبلغًا أكبر، لدرجة أن المفاوضات مرت بفترة طويلة حتى نجاحها.
الإعلام المدريدي يتغيّر رأيه فجأةً .. بـ نيمار
مثال آخر لهذه الحرب الاعلامية، التي دائمًا ما يكون هدفها الأساسي جماهير الخصم كعنصر ضاغط على فريقه، هو البرازيلي “نيمار” الذي ظل الإعلام المدريدي متمثلًا في صحيفتي (آس) و(ماركا) يحاول “تلميعه” لفترة تخطت أربعة أشهر، وبدا كلامه حوله أشبه بـ”الشعر“، حتى انقلب الوضع بعدما رفض اللاعب الانتقال، لتنقلب الآية وتشن هجومًا ضده، بل وتقول أن “مورينيو” صرف النظر عنه، لضعفه بدنيًا.
الإعلام الكاتالوني يكشف فشل الإدارة المدريدية في صفقة نيمار
وهنا جاء دور الإعلام الكاتالوني الذي استشعر نشوة الانتصار، وبدأ في إبراز تصريحات لـ”نيمار” تمتدح البرسا لاستفزاز جماهير الريال، وإحساسها بأن إدارة ناديها فاشلة، وجاءت جريدة (سبورت) اليوم لتنشر خبرًا حول بدء اتصالات بين البرسا وسانتوس بخصوص اللاعب.
دائمًا ما يقول الكثيرون أن “الحكم في الملعب“، ولكن الحقيقة أن الأمر بقدر ما يتعلق بداخل المستطيل الأخضر، فإنه أيضًا يرتبط بخارجه، وما يحدث بين الريال والبرسا هو خير مثال على ذلك.
أضف تعليق