أقلامهم

حسن علي كرم: فرصة الإصلاح في البحرين مازالت قائمة والملك لايستطيع أن يترك المعارضة خارج خيمته

خيمة الملك حمد..


حسن علي كرم

«وان تساءل البعض عن سبب طلبنا لجنة من الخبراء من خارج البلاد للنظر في مجريات احداث شهري فبراير ومارس 2011. وما نجم عنها من تداعيات لاحقة. فان جوابنا هو ان أية حكومة لديها الرغبة الصادقة في الاصلاح والتقدم يجب ان تعي الفائدة من النقد الموضوعي الهادف والبناء». هذه كانت فقرة من كلمة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة اثناء تقديم رئيس لجنة تقصي الحقائق البروفيسور محمود شريف بسيوني تقرير اللجنة الى الملك، وفي فقرة اخرى من الكلمة يؤكد الملك عزمه على ضمان عدم تكرار الاحداث المؤلمة التي مرت بها البحرين. ويصف يوم رفع التقرير اليه بأنه «يوم الصفحة الجديدة في تاريخنا» وفي ختام الكلمة يهيب الملك بالجميع أن يراجعوا انفسهم. وان يعالجوا اخطاءهم وان يقوموا بدورهم الوطني المطلوب في اعادة اللحمة الوطنية ضمن مجتمع متسامح».
لعل السؤال الأهم الذي يدور في البحرين وعلى لسان الكثيرين من ابنائها هو كيف الخروج من نفق ازمة دوار اللؤلؤة خصوصاً ان الحكومة البحرينية من جانبها قد تعهدت بتنفيذ الملاحظات الواردة في تقرير بسيوني وبالفعل فقد شكلت لجاناً لهذا الخصوص الا ان الحقائق على الارض كما يبدو غير ذلك. يكتب الدكتور منصور الجمري رئيس تحرير جريدة الوسط البحرينية السابق والذي كان في صفوف المعارضة في العقود السابقة لكنه عاد الى وطنه البحرين بعد المصالحة والاصلاح الذي قاده الملك حمد وصار احد المقربين من الملك يقول في مقالته التي نشرت في عدد الاثنين الماضي من جريدة الوسط نستقطع هنا بعض الفقرات الدالة على الوضع الراهن في البحرين حيث يقول: «اننا من الذين يؤمنون بأن تقرير بسيوني يوفر فرصة للجميع للخروج من الازمة»، ثم يقول: «لكننا نرى ان المحاولات حالياً على قدم وساق لتثبيت الاجراءات غير العادلة التي لا تتسق مع النهج الانساني» ثم يقرب الصورة اكثر حيث يقول «لحد الآن لم نر اي دليل على تقدم حقيقي نحو معالجة الازمة من جذورها او حتى معالجة اعراضها. فالذين فصلوا فصلوا. والذين ظلموا ظلموا والذين تضرروا تضرروا وعليهم ان ينسوا اي تصحيح للوضع. كما ان التمييز الطائفي في الاعمال والحياة العامة اصبح منهجاً مقدسا ويبدو ان هذا النهج اصبح معتمداً». وفي مقالة اخرى للجمري نشرها في عدد الاربعاء الماضي من جريدة الوسط تحت عنوان «في حديث عابر قبل حضور ندوة لندن» يصف فيها المجتمع البحريني كركاب طائرة في الدرجة الأولى والدرجة الثانية وان ركاب الدرجة الأولى يحاولون ان يضعوا ركاب الدرجة الثانية في قسم الشحن في مؤخرة الطائرة (..) ومنصور الجمري القريب من الملك والمعارض السابق ليس من مؤيدي ولا من مناصري جمعية الوفاق او فكر الوفاق وعلي سلمان ولا فكر الشيخ عيسى قاسم. وانما هو معروف بالوسطية واللحمة الوطنية ولذلك فكتاباته تعني البحرين والاصلاح المطلوب غير ان في المقابل هناك من لايزال ينفخ في النار الطائفية غير مدركين ان الاهم من مصلحة الطائفة هو مصلحة البحرين كما يتبين ذلك في يوسف البنخليل الكاتب في جريدة «الوطن» البحرينية وعقيل سوار وسوسن الشاعر، والدخول في حملة ضد جمعية الوفاق وامينها العام الشيخ علي سلمان تحت حملة «الوفاق لا تمثلنا» على اساس ان جمعية الوفاق والمتعاطفين معها يمثلون الاقلية من الشعب البحريني شيعة وسنة وبالتالي لا يجب ان يستسلم البحرينيون لارادة هذه الجمعية التي تمثل حزب الله، والحقيقة ان الحملة الاعلامية المضادة على الوفاق وامينها العام ليست حملة على الوفاق والشيخ علي سلمان وانما حملة على المعارضة البحرينية المتمثلة بالسنة والشيعة والليبراليين والاسلاميين، ان الاخطر هو تصنيف الناس الى طوائف في بلد يفترض ان يتسامح مع العقائد ويتسامى على الخلافات، فالاهم من حق الطائفة هو الاصلاح والملك يكرر في كل مناسبة هدفه الاصلاح وتصحيح الاخطاء.
لا ريب ان المعارضة البحرينية قد خسرت فرصا كثيرة كان يمكن استغلالها، ولعل مبادرة ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد الاصلاحية كانت كافية لنقلة مهمة في العمل السياسي والحقوقي، وكان على المعارضة ان تكون اكثر ذكاءً وواقعية والالتفاف حول مبادرة ولي العهد، ولكن الفرصة قد راحت على الجميع.
ان فرصة الاصلاح مازالت باقية ومساعي الملك لم تتوقف، فاختيار مستشارين في ديوانه من المعارضة احدى الفرص التي ينبغي الا تخسرها المعارضة، ولعلنا نستطيع فهم رؤية الملك من خلال العبارة التالية التي جاءت في تصريحه الاخير لصحيفة الديلي تلغراف البريطانية حيث يقول «انت لا تستطيع ان تتركهم (المعارضة) خارج خيمتك»