أقلامهم

فيصل الظفيري يكتب عن الفرعيات ومسمياتها المستحدثة

الفرعيات وما تم استحداثه من مسميات


فيصل حمدان الظفيري


 بعد أن منَّ الله علينا بشوط طويل قطعناه في مسيرة الإصلاح الوطني، وذلك متمثلاً بتغيير رئيس الوزراء السابق وحكومته، وبعد أن قام سمو الأمير بحل البرلمان بقي علينا أن نواصل مسيرة الإصلاح الوطنية حتى نصل بالكويت سلطةً وشعباً إلى بر الأمان والاستقرار الذي طالما ناضلنا من أجل الوصول إليه.
في ظل الأوضاع الراهنة، ونحن بصدد انتخابات برلمانية مبكرة، يجب أن نكثف جهودنا في إيصال أصحاب الكفاءات والمواقف المشرفة- وما أكثرهم- إلى مجلس الأمة ليكونوا خير من يمثلنا تحت قبة “عبدالله السالم”. وحيث إن اختيار أصحاب الكفاءات والأفكار البناءة يتعارض مع “الانتخابات الفرعية” التي غالباً ما تكون مخرجاتها ونتائجها ليست مبنية على مبدأ الكفاءة والقدرات الشخصية التي يسخرها صاحبها في خدمة الوطن، وهذا ما أثبتته نتائج الانتخابات السابقة، فإنه يتوجب علينا جميعا أن نقاطع تلك “الفرعيات” التي أضرتنا ولم تفدنا بشيء، وأن نقاطع أيضا كل ما تم استحداثه من مسميات لا تختلف في مضمونها عن “الانتخابات الفرعية”. إن الأسباب التي تدعونا إلى مقاطعة “الفرعيات” أكثر من أن أستطيع حصرها، ولكني سأسرد هنا أبرز الأسباب التي تدفعنا إلى ذلك، فكما يعلم الجميع أن “الانتخابات الفرعية” مجرّمة طبقاً للقانون الذي أيدته المحكمة الدستورية في حكمها الصادر منذ فترة قصيرة. وحسب رأيي الشخصي، فإن مجرد مخالفة “الفرعيات” للقانون هو سببٌ كافٍ للعزوف عنها وعدم المشاركة فيها أو السماح بتنظيمها. وكوني شاباً كويتياً شارك في الحراك الشبابي الذي كان من ضمن مطالبه الجوهرية تطبيق القانون على الجميع، فليس من المنطقي إطلاقا أن أقوم بعد أن حققنا الكثير من مطالبنا بخرق القانون الذي طالبت بتطبيقه، وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ”، وما الدستور إلا عقد بين الحاكم والمحكوم.
علاوة على ذلك، فقد ورد عن الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- في الحديث الصحيح، أنه قال في حجة الوداع وهو في منى: “يا أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ألا هل بلغت؟” قالوا: “بلى يا رسول الله”، قال: “فليبلغ الشاهد الغائب”. كل من يتدبر قول الله تعالى والحديث الشريف، يستنبط منهما أن التعصب الفئوي والقبلي منهيٌ عنه شرعاً، كما أنه مجرم قانوناً، وأن معيار المفاضلة بين الناس هو التقوى، ومن التقوى أن يراعي الإنسان مسؤولياته المنوطة به، وهذا يعني أن الأولى باختيارنا يجب أن يكون لـ”التقي” وليس على أساسٍ “قبلي”. كما أن “الفرعيات” تعزز الولاء للقبيلة على حساب الولاء للدولة، وهي كذلك تعني أن القبيلة تأتي قبل الوطن، وعليه فإن مقاطعتها عامل رئيس في صهر المجتمع كاملاً بدلاً من أن تجعله طوائف وفئات وقبائل متنافسة على مصالحها الطائفية أو الفئوية أو القبلية، وهنا يأتي السؤال الذي يجب أن يسأله كل فرد منا نفسه: أفحكم الجاهلية تبغون؟!
وأشير هنا إلى نقطة مهمة، وهي أن الانتماء إلى القبيلة أو الفئة أو الطائفة ليس بالأمر المعيب أو المشين، بل إنه أمر مشروع لكل إنسان أن يفخر ويعتز بأصله وطائفته، ولكن يجب أن يقتصر ذلك الفخر والاعتزاز على الجانب الاجتماعي لا السياسي. في الختام، أود أن أذكِّر أبناء جيلي من الشباب بشكل خاص، والكويتيين كافة بشكل عام، أننا أمضينا ما يزيد على السنتين نحارب الفئوية والطائفية والقبلية التي عانيناها بسبب نهج الحكومات السابقة والإعلام الفاسد، وغيرهما من الأدوات التي مزقت النسيج الاجتماعي الكويتي… وبفضلٍ من الله تغلبنا على كل تلك الأدوات وجسدنا وحدتنا الوطنية في مواقف وتجمعات كثيرة، فكيف لنا بعد أن قمنا بذلك كله أن نعود إلى الوراء بمشاركتنا في “الفرعيات”؟