أقلامهم

عبداللطيف الدعيج: لم يكن مبرراً على الإطلاق أسلوب القسوة التي تعاملت به القوات الأمنية مع تظاهرة البدون

«البدون» والخواجة
عبداللطيف الدعيج 


 
للافراد حق الاجتماع من دون حاجة لاذن أو اخطار سابق. لكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما. للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها بغير اذن اهلها.
هذه مقاطع من العقد الاجتماعي الذي تعاهد عليه الكويتيون. وهو ما يعرف قانونيا بدستور 1962 أو قانون القوانين. وقانون القوانين هذا، فصَل واجبات كل من يعيشون على ارض الكويت وحقوقهم. بشكل عام استخدم لفظ الفرد أو الانسان أو ضمير الغائب، لكل مقيم على ارض الكويت، اما عند التعهد بحقوق الكويتيين أو التزاماتهم فإنه ينص صراحة على لفظي الكويتيين أو المواطنين. لهذا فالبدون وفقا لدستورنا.. افراد، والبدون ناس، والبدون ايضا ضمير، ضمير حاضر ومعلوم وان كان مجهول الجنسية. ومنازل البدون تبقى مساكن لها حرمة، وان كانت مثلهم بلا هوية أو تنظيم. القانون أو الدستور الذي هو قانون القوانين لا يفرق بين حق الكويتي وحق غيره، فالجميع «انسان»، يشمله بالرعاية والحماية دستورنا ونظامنا الديموقراطي وتكفل هذه الرعاية والحماية دولة الكويت، عضو الامم المتحدة والموقع والمتعهد بكل ما لم تتحفظ عليه في «العهد الدولي لحقوق الانسان».. وعلى علمنا فان دولة الكويت لم تتحفظ على اي من الحقوق التي تم انتهاكها بغلاظة يوم امس الاول.
لم يكن هناك مبرر على الاطلاق للقسوة التي تعاملت بها قوات الأمن مع تظاهرة «البدون» يوم امس الاول في «تيماء». واذا توافر هذا المبرر تحت الذريعة المعروفة والجاهزة من ان «المتظاهرين» هم من بدأ بالاعتداء على رجال الأمن، وهو بالمناسبة عذر قوات الأمن الكويتية في كل مناسبة ايضا، فانه ليس هناك عذر لهذه القوات للمطاردة الشرسة للمتظاهرين في الشوارع وللاقتحام غير المشروع للمساكن بهدف القبض عليهم. ربما يحق لرجال الأمن «تفريق» المتظاهرين، مع ان حق التظاهر والتجمع امر مفروغ منه. لكن دائما لدى الاجهزة الامنية الاعذار لــ«تفريق» خلق الله! لكن ليس لدى اجهزتنا الامنية اي عذر للملاحقة وللاجتهاد في اذلال المتظاهرين وتحقيرهم في «تيماء»، من شارع الى شارع ومن منزل الى منزل، تمت ممارسة التغطرس والعنجهية التي يتمتع بها اصحاب القوة ضد المستضعفين من المقيمين على ارض الكويت الذين يحميهم القانون والدستور بوصفهم بني آدم، حالهم حال بقية المليونين، أو اكثر، من المقيمين على هذه الارض.
نحن على ثقة ان «البدون» سيتظاهرون، مرة ثانية، وبفضل غطرسة البعض وعنجهيتم سينضم اليهم في المرة المقبلة الناشطون الكويتيون في حقوق الانسان.. لذا تبقى نصيحتنا لوزارة الداخلية بان تتعامل في حدود سلطتها ومهامها «الدستورية» وهي حفظ الأمن وحماية ارواح خلق الله وليس اذلالها أو تعريضها للخطر.
***
مؤسف ان ما حدث في الكويت، حدث بالتزامن في اكثر من منطقة في الخليج العربي، وكان أبشعها ما حدث وربما لا يزال يحدث في البحرين. خصوصا منظر «سحل» المواطنة البحرينية زينب الخواجة. ومع هذا فالامانة تستلزم الاقرار بان الشرطيات اللاتي تولين جر، وجر ربما اكثر دقة من «سحل» التي تستخدمها المعارضة البحرينية لوصف الحالة، الشرطيات حاولن اقناع المواطنة الخواجة بمرافقتهن الى سيارة الشرطة لتنفيذ امر القبض، كما ان رجال الأمن تعمدوا عدم الاحتكاك بالسيدة الخواجة. لكن السيدة الخواجة فضلت ان تسحل في محاولة لتسجيل نقطة ضد السلطات البحرينية، وقد نجحت الى حد بعيد في ذلك. وهذا يدفع الى التساؤل: ما الذي دفع المواطنة البحرينية الى اختيار ان تسحل ان لم تكن مطالبة عادلة ومشروعة بالحقوق والعدل الذي من المفروض ان يتمتع به الانسان في البحرين أو في اي مكان؟