أقلامهم

مصير العلمانية بين ابورقيبة وأتاتورك .. صالح الشايجي

صالح الشايجي
سقوط العلمانية
لماذا نجحت العلمانية في تركيا وفشلت في تونس؟
ولماذا نجح «مصطفى كمال أتاتورك» في ترسيخ العلمانية في تركيا وفشل بورقيبة في تونس؟
أعتقد أن الإجابة عن ذلك تبدو سهلة ويسيرة في حالة تتبع الأحداث واستعادة التاريخ ووقائعه في الدولتين التركية والتونسية وما كان في رأسي كلا الرجلين أتاتورك وبورقيبة.
أتاتورك ورث امبراطورية استعمارية توسعية واستبدادية ترفع راية الإسلام وتحت جنحه وجناحه غزت واستعمرت واستبدّت، ولما جاء أتاتورك جهد في أن ينقي الدولة مما كان يعلق بها من شوائب وليبني دولة جديدة منبتّة ومنفصلة عن الدولة التي كانت قائمة وقطع علاقة دولته الجديدة بكل ما يربطها بالقديمة، فغيّر الحرف العربي الذي كانت تكتب به اللغة التركية أيام الدولة العثمانية وحدد منابع الجدول الثقافي الذي كانت تشرب منه دولة الخلافة وهو الدين الإسلامي ليعلنها دولة علمانية لا دين لها، وترك الناس في دينهم وتدينهم وانتشل بلاده من تحت الأنقاض وحرر الإنسان التركي من التخلف والاتكالية وجعله إنسانا منتجا بعدما كان ينتظر خراج أرضه الشاسعة الممتدة الأطراف الذي تأتي به الجيوش العثمانية من أراضي الدول المستعمرة بينما أصحاب الأرض الأصليون جوعى وخيرات أرضهم تذهب لذلك التركي القاعد في بيته.
أما بورقيبة فلم يكن عنده مشروع بناء دولة بل كان مشروعه بناء إنسان واحد اسمه بورقيبة فأعلن نفسه رئيسا مدى الحياة، وكان يعد ابنه ومن ثم زوجته لخلافته وبلغ به حب الذات والأنانية أن أسمى ابنه باسمه تماما «الحبيب بورقيبة» وأقام جمهوريته على الديكتاتورية الحمقاء غير المنتجة وأخضعها لنظام الحزب الواحد وهو حزبه ولا وجود للمعارضة إلا في السجون ولا وجود للصوت الثاني إلا في فم صاحبه.
هذا الواقع والذي سار عليه خليفته «بن علي» جعل التونسيين يربطون بين مذهب بورقيبة العلماني وبين الديكتاتورية والتسلط، لذلك هم كرهوا العلمانية وبمجرد سقوط النظام العلماني ثاروا عليه وتخلصوا منه وتبنوا نقيضه الإسلامي.
إذن فإن العلة لم تكن في العلمانية بقدر ما هي فيمن تبناها زورا ولم يكن مؤمنا بها.