أقلامهم

خالد ساير العتيبي: مع كل احترامي للمغني والممثل ومن لف لفهما، الا ان مجالات براعتهم، لا تصب في مسارات الوطن الأساسية

العولمة ستحدد من هم البدون


خالد ساير العتيبي

التطور والتغيير سنتان كويتيتان، لا يصادمهما الا جاهل أو كافر بحقائق الكون، فدوام الحال من المحال، فالدنيا لم تكن في يوم من الأيام تخلد لأحد، فتقلب الأمر لا علاقة له بأهلية واستحقاق يدعيهما بشر.
ان الحقائق الكونية الراسخة التي توفر استقرارا وأمانا لوطن ولحكم، لا علاقة لها بما يكرره أحد نظاماً كان أو سلطة أو حزباً أو حركة، من تبيان كونهم أهلاً للبقاء والدوام، فالنواميس الكونية تؤكد لنا على الدوام ان ارساء العدل ورفع الظلم والمساواة بين ذوي الحقوق، تلك هي التي تجعل من أي نظام حكم أكثر رسوخا وثباتا.
وحتى توجد ضمانات كيان الوطن الآمن المرفه المستقر المتطور، لابد من احلال العدل الكافي والقادر على توفير عيش كريم للانسان أيا كان ذلك الانسان مواطنا أو غيره أو وافدا ومقيما، فالكل يقفون على قدم المساواة أمام القانون، الذي لا يجيز الاعتداء أو التطاول أو التجاوز على كرامة أي منهم.
صحيح أن هناك فوارق اجتماعية ومعيشية تبعا للمواطنة، لكنها ليست سببا وعذرا للانتقاص من الغير سواء كان بدون ثبوت الجنسية أو وافدا باحثا عن لقمة العيش الكريم، فتلك الفروقات لا تنكر فهي واقع وان كان ليس عادلا، الا ان طبيعة الحياة تفرض نفسها ولكن الى حين.
ان القادم في المستقبل، سيكون معايير جديدة تفرضها الثقافة العالمية الآخذة في التمدد في كوننا الأرضي، وهي ذاتها ستعرّف مستقبلا المواطنة الحقة، حينها تقرر معايير مختلفة تماما عن معايير اليوم، في ثبوت الجنسية من عدمها، فالعولمة ستكون الجنسية الحقيقية لا التقليدية.
فالمواطنة في مرئيات المستقبل ستعبر عن الولاء القائم على الانجاز والتضحية والبذل والتميز وتقديم كل ما هو جديد للوطن، أما التوارث الطبيعي للجنسية، لن يكون معيارا ذا قيمة في ظل العولمة، التي ستجعل من العالم كله بكل تنوعاته العرقية مدينة واحده، عندها لا يستقيم الحال الا مع من ينبري لها بسيف القوة والكفاءة والأمانة والتميز والعلم والمعرفة.
من أجل ذلك فالتشدد الحاصل الآن في قضية تجنيس البدون، لا أرى له مبررا، لعدة اعتبارات، أولها، أننا أطلنا مدى القضية زمنا بلا حلول، وحينما تشتد الخطوب نعالجها بحلول ترقيعية، لا تدلل على المصداقية، ونغفل تعمدا الجانب الانساني فيها، كأن الذين يعانون منها سراق مال ومجرمو حرب، انهم أناس وفدوا أو ولدوا، ادعوا أو كانوا مستحقين، في كل الأحوال، يظلون بشرا.
يجب الاعتراف ان السلطة وأجهزتها التنفيذية مسؤولون عن وجود قضيتهم دون حل لعقود…
ومن هنا لابد من الحسم بتجنيس من انتهى امر ملفاتهم الى تيقن من سلامتها وعلى الفور دون تأخر أو تلكؤ، والباقي يجب امضاء حقوقهم الانسانية بلا تأنٍ، فحكم التأني هنا هو جريمة ستسبب الكثير من الأذى لهم وللوطن، فالبركة التي حرمناها في وطننا، طوال العقدين الفائتين، لا أستبعد ان أحد أسبابها تعسفنا في ملف البدون بلا حق، والله أعلم.
ان ملف البدون يجب ان يصار الى حلول ذات قيمة انمائية ذكية، أولا يجب ان يجنس المستوفون ثم تمنح الحقوق الانسانية بلا تمييز، ومن بعد يتاح للبارزين منهم الى الشروع فورا في خدمة الوطن من خلال مهارات وتميز لافت، لا عن طريق جماهيرية الفنون الطريق الأقصر للابهار، مع كل احترامي للمغني والممثل ومن لف لفهما، الا ان مجالات براعتهم، لا تصب في مسارات الوطن الأساسية، وليسوا من نتأمل فيهم الخدمة الجليلة للوطن.
ففي البدون هناك نماذج مشرفة تشرف الوطن وتشرفنا كشعب، والبعض منهم يفوق في ولائه من يحملون وثائق الانتماء لوطننا، فالعبرة بما يقدم للوطن لا بما كان عليه أبوه ومتى وفد وقدم واستقر.