برلمان

"اتجاهات" يرصد الظاهرة المجرمة من بدايتها قبل 40 عاما
هل تطلق “صناديق 2012” رصاصة الرحمة على “الفرعيات”؟


* 6 نواب من الرابعة والخامسة انسجموا مع توجيهات الأمير برفضهم المشاركة في الفرعيات. 

* جماعات شبابية دعمت تجريم الفرعيات احتراما للقانون. 

* لأول مرة تتوافق القوى السياسية والحراك الشبابي مع القيادة السياسية والقانون  ضد “الفرعيات”. 

* الداخلية لاحقت منظمي فرعيات 2012 في إطار القانون.  




أطلق مركز “اتجاهات” للدراسات والبحوث الذي يترأسه خالد المضاحكة ثاني تقاريره النوعية المتعلقة بمسار العملية الانتخابية وخصص التقرير الثاني لموضوع “الانتخابات الفرعية في الكويت”، التي ظلت لفترة طويلة واحدة من أهم ملامح العملية الانتخابية “غير الرسمية” في الكويت،وفي الانتخابات الراهنة بدأت ملامح أمل في القضاء على “الفرعيات” حتى بشكل جزئي وقد يفجر صندوق الانتخابات في 2 فبراير المقبل المفاجأة ويطلق رصاصة الرحمة على الفرعيات بالانحياز إلى من لم يشارك فيها.




وعلى الرغم من تبلور توجه حكومي ومجتمعي وفردي في السنوات الأخيرة لمواجهتها والحد من إجراءات ممارستها حيث كانت البداية مع قانون يجرم الفرعيات في العام 1996 لكنه لم يطبق إلا في انتخابات 2006 ثم في انتخابات 2008 و2009 عن طريق تحرير قضايا للمشاركين في الفرعيات لكنها كانت قضايا بلا أدلة فتساقطت في ساحة القضاء ولم يصدر أي حكم إدانة حتى الآن،وفي العام الجاري اتخذت الحكومة وأجهزة الأمن نفس نهج المراقبة من بعيد وتحرير قضايا لكن مع استخدام وسائل تقنية تتيح تقديم أدلة حقيقية في جرائم الفرعيات،كما أن المتغير الأهم في هذا السياق أن محاربة الحكومة الفرعيات في الانتخابات الحالية تعززت بحكم للقضاء الدستوري يؤكد دستورية قانون تجريم الفرعيات وخطاب متوافق عليه من كافة القوى السياسية وفعاليات المجتمع ومنظماته ورجال الدين يدين “الفرعيات” بل شارك في تلك الإدانة عدد غير قليل من أبناء القبائل التي اعتادت إجراء فرعيات ومن هؤلاء من ترشح مستقلاً متحديا هذا السلوك من القبيلة ومراهنا على رغبة الشباب في رفض مخرجات “الفرعية”.  



فقد دأبت القبائل الكويتية على إجراء انتخابات اصطلح على تسميتها بـ “الانتخابات الفرعية” أو “انتخابات القبيلة” أو “التشاوريات” في مناطق جغرافية محددة ودوائر انتخابية معينة،فهناك تصور سائد داخل فكر شريحة من الكويتيين بأن “القبيلة أساس المجتمع والديوانية برلمانها”، لأنه في موسم الانتخابات تتحول الديوانيات إلى غرف عمليات لا تتوقف لمساندة المرشح المتفق على دعمه من القبيلة، بل أن الدولة في معظم دول الخليج – نتيجة حداثة نشأتها وتجربتها- مازالت دون الفعالية الجماعية، ويطلق عليها أحياناً تعبير “البدوقراطية المتطورة” التى تعتمد كثيراً على القبيلة لتسيير شئونها،من هنا يؤرخ تقرير مركز اتجاهات لبداية الانتخابات الفرعية ويقرأ حجم إسهامها في تشكيل مجلس الأمة منذ الفصل التشريعي الثالث أي قبل 40 سنة. 



التطور التاريخي للفرعيات


البداية المعروفة للانتخابات الفرعية كانت في مجلس 1971 حيث شهد انتخابا فرعيا واحدا، زاد إلى اثنين في مجلس 1975. وفي انتخابات 1981، التي اعتمد فيها نظام الدوائر الـ 25، ارتفع عدد الانتخابات الفرعية إلى خمسة. وفي 1985 ارتفع العدد إلى 19 انتخابا فرعيا بزيادة تقدر بـ 380 % إلا أن الانتخابات الفرعية سجلت أعلى معدلاتها بـ 21 انتخابات في مجلس 1992،وفي انتخابات 1996 تراجع العدد قليلا إلى 18. وقد شهد مجلس 1996 إقرار قانون منع وتجريم الانتخابات الفرعية، إلا أن ذلك لم يمنع القبائل من تنظيم تلك الانتخابات وهو ما يشير إلى إن الظاهرة القبلية في الكويت، مرشحة للاستمرار لفترة زمنية أخرى، وبلغ عدد الانتخابات الفرعية 15  وتكرر العدد نفسه في انتخابات 2003. وفي انتخابات مجلس 2006،ارتفع العدد إلى 20 انتخابا فرعيا على الرغم من المواجهة الأمنية لتلك الانتخابات تحديداً، فيما لم تتوافر تقديرات منضبطة عن أعداد الانتخابات الفرعية في مجلسي 2008 و2009، وإن كانت متزايدة أيضا.




التمثيل القبلي في الانتخابات البرلمانية




تشير البيانات المتوافرة بشأن تمثيل القبائل في انتخابات مجالس الأمة في الكويت خلال الفترة (1962-2009) إلى أن القبائل تعكس مكانة محورية في المؤسسة التشريعية، لأن العضوية القبلية في مجلس الأمة تعبر عن النفوذ السياسي والجاه الاجتماعي. ويكفي الإشارة إلى قبائل بعينها، التي تواجد ابنائها لسنوات طوال تحت قبة البرلمان، سواء في مرحلة ما بعد الاستقلال أو في مرحلة ما بعد التحرير، مثل قبائل العوازم والعجمان والمطران والرشايدة والعتبان والعنزة والشمر والهواجر والفضول والظفير والدواسر، ويتقاطع البعد العائلي مع صعود العامل القبلي. وهنا، تبرز أسماء عائلات شهيرة مثل الخالد والخرافي والرومي والكندري والغانم والصقر والقطان.




فقد بلغ عدد نواب القبائل في المجلس الأول (1963) 21 عضو بنسبة 42% من إجمالي الأعضاء، واستمرت ذات النسبة في المجلس الثاني (1967)، وارتفع العدد في المجلس الثالث (1971) إلى 22 عضو بنسبة 44%، وارتفع العدد في المجلس الرابع (1975) إلى 24 عضو بنسبة 48%، وارتفع العدد في المجلس الخامس (1981) إلى 28 عضو بنسبة 56%، ثم تراجع العدد في المجلس السادس (1985) إلى 26 عضو بنسبة 52%. ومع استعادة التجربة البرلمانية بعد الغزو العراقي الغاشم للكويت، بلغ عدد نواب القبائل 24 عضو في المجلس السابع (1992) بنسبة 48%، ثم ارتفع العدد مرة أخرى في المجلس الثامن (1996) إلى 27 عضو بنسبة 54%. وفي المجلس التاسع (1999) بلغ عدد الأعضاء 26 عضو بنسبة 52%، وفي المجلس العاشر (2003) بلغ عدد الأعضاء من القبائل 25 عضوا بنسبة 50%، وفي المجلسين الحادي عشر (2006) والمجلس الثاني عشر (2008) بلغ عدد الأعضاء 26 لكل منهما، بما يمثل نسبة 52% من إجمالي الأعضاء، وتراجع العدد إلى 25 عضو في المجلس الثالث عشر بنسبة 50%.




اتجاهات الرأي إزاء الفرعيات




ثمة ثلاثة اتجاهات إزاء تأييد أو تجريم الانتخابات الفرعية في الكويت، على النحو التالي: 




(1) – هناك رأي مؤيد لإجراء الانتخابات الفرعية بحجة وجود شبهة عدم دستورية في قانون تجريم الانتخابات الفرعية كونه يتناقض مع المعايير العالمية للتحول نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، ويضع قيودا على حرية الرأي والتعبير،كما أن الحكومة تغض الطرف على اختيارات القوى السياسية التي تقوم بتسمية مرشحين محددين لها في الانتخابات،غير أن هذا الرأي سقط مع حكم المحكمة الدستورية في نهاية 2011 بدستورية قانون الفرعيات وبالتالي لم تعد هناك حجة قانونية لهذا الرأي.



(2) – أما الرأي المعارض لها يستند إلى عدة حجج أساسية، منها:

إن إجراء الانتخابات الفرعية يكرس الانتماء القبلي على حساب الولاء الوطني .

– إن الانتماء القبلي يعوق وصول النواب الذين يتمتعون بالكفاءة المهنية والموضوعية ويتعارض مع المصلحة الوطنية العامة.

– الفرعيات تعني كسر القانون والنيل من هيبة الدولة.



(3) – ما بين الاتجاهين السابقين، يرى اتجاه ثالث ضرورة التفرقة مابين “الفرعيات” والتشاوريات حيث تكون الأولي محرمة والثانية هي شكل من أشكال التجمع المصان دستورياً. 





اجراءات مواجهة “الفرعيات”


اتخذت عدة إجراءات لمواجهة إجراء الانتخابات الفرعية في الكويت، وتتمثل في النقاط التالية:




(*) إجراءات سياسية سيادية، تمثلت في التوجه الأميري المعارض لإجراء الانتخابات الفرعية وأثمر ذلك بإعلان عدد من النواب عدم مشاركتهم في الفرعيات أحتراما لتوجيهات سمو الأمير وانسجاما مع القانون. 




(*) إجراءات قانونية ملزمة، تمثلت في إصدار المحكمة الدستورية حكما قاطعاً بدستورية قانون تجريم الانتخابات الفرعية.




(*) إجراءات أمنية ضابطة، تمثلت في قيام وزارة الداخلية بجهود متواصلة لمحاربة الانتخابات الفرعية، عبر مراقبة ورصد الانتخابات وتسجيل جميع البيانات عن عدد من المشاركين فيها والمشرفين عليها، وتقديم البلاغات للنيابة العامة للتحقيق فيها.




(*) إجراءات إعلامية توعوية، في عدد من وسائل الإعلام المقروئة والمسموعة والمرئية، تهدف إلى الحد من إجراء الانتخابات الفرعية لأنها تقوض النسيج الوطني وتدفع إلى التقوقع على الانتماء الأولي. 




(*) تحرك مجتمعي من وسائل إعلام وجمعيات نفع عام ونواب سابقين وأكاديمين ومجموعات شبابية لاستنكار “الفرعيات”.




(*) تنامي ظاهرة جديدة وسط شباب القبائل ترفض الانتخابات الفرعية وقد بدأت ملامح هذا التوجه تظهر جليا خلال الأيام الماضية، حيث أن تجمعا شبابيا من قبائل الدائرة الرابعة يتحرك عبر وسائل التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” و”تويتر” لإقناع الناخبين من أبناء القبائل بمقاطعة الانتخابات الفرعية وعدم التصويت للمرشحين الذين يخرجون من تلك الفرعيات.



فهل تنجح تحركات الشباب وفعاليات المجتمع في عزل مخرجات “الفرعيات” في جميع الدوائر؟ … صندوق الانتخابات في 2 فبراير المقبل سيجب على هذا السؤال؟.