أقلامهم

مظفر عبدالله: لا يمكن استثناء “البدون” من الخارطة الشبابية بمطالبهم الخاصة بأوضاعهم القانونية

شباب الكويت بدون رأس!


مظفّر عبدالله


أول العمود:
لا نزال نسمع أسئلة مخيفة مثل “كم عدد المرشحين الذين يحق لي انتخابهم في الدائرة؟”


***
سمعنا قوليّن حول علاقة الأوضاع السياسية الكويتية والربيع العربي؛ الأولى، أطلقها وزير الخارجية د. محمد الصباح الذي استقال في أكتوبر 2011 تزامنا مع تداعيات “الإيداعات المليونية”، وقال فيها إن الكويت تعيش ربيعها منذ 50 عاماً. والثانية، جملة تحذيرية تداولها أكثر من عضو في البرلمان أو شخصية سياسية مفادها أن الربيع العربي ليس ببعيد عن الكويت. لا نريد الخوض في تفسير وفهم الرؤيتين، وإن كان لكليهما نسب من الصحة ، لكن من المهم من جانب أن نسلط الضوء على بعض المعطيات الخاصة بالمجتمع الشبابي الكويتي في ظل الحراك غير المسبوق الذي تشهده البلاد في السنوات القليلة الأخيرة.
تعداد الكويتين حتى يونيو 2011 بحسب أرقام الهيئة العامة للمعلومات المدنية 1,164,448، (593369 من الإناث) – (571079 من الذكور) يشكل منهم سن الشباب في عمر 15 – 39 سنة من الداخلين في قوة العمل 295,162 مقسمون بين 200822 من الذكور و58340 من الإناث.
ولا يمكن استثناء “البدون” من الخارطة الشبابية بمطالبهم الخاصة بأوضاعهم القانونية والذين بدؤوا يظهرون كرقم مهم في ساحات التظاهر السلمي حيث يبلغ تعداد من هم بين سن 16– 35 عاماً، 56,363 من أصل 105,702 بحسب الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية.
وينخرط هذا الكم الكبير من الشباب في بيئة منفتحة جداً على الخارج عبر وسائل التواصل الإلكتروني والسفر للخارج، ويتعرض إلى كم مهول من الرسائل الإعلامية المتناقضة في كثير من الأحيان لتشكل جزءاً من نمط تفكيره، وما يميزه أنه تكتل بلا رأس، بمعنى أنه لا يمكن القبض عليه وإيداعه في السجن!
الطاقم الحكومي وأداء مجلس الأمة يسيطران على 90% من مجريات الأمور في الكويت بحكم عقم الحياة السياسية الشعبية وخلوها من أدوات الحراك الطبيعية كالأحزاب والنقابات الجمعيات الأهلية المستقلة عن الحكومة، ولذلك لا يرى قطاع واسع من الشباب أن له مكاناً في هذه اللعبة أو أنه ممثل بشكل حقيقي في الحكومة والبرلمان ولذلك اختار الشارع لتغيير مخرجات الانتخابات في حملة تغيير الدوائر ليقلصها إلى 5 دوائر، وواصل المهمة ليطالب بحل البرلمان والحكومة وتغيير رئيس مجلس الوزراء… وتحقق له ما أراد بحكمة أميرية ذكية.
ما أود أن أصل إليه أن الشباب الكويتي ليس ببعيد عن الأجواء المحيطة به في العالم أجمع ولاسيما العربي منه، فالقاسم المشترك بين الثورات العربية هو نيل الكرامة والرغبة في تمثيل الأجيال الشابة في برامج الإدارة العامة واستغلال الثروة بحكمة، وهي مطالب الشباب الكويتي وشباب “البدون” مع الفارق.
ومن واجب السلطة تفهم طبيعة هذا الحراك والتعامل معه بجدية عبر إدخاله في العملية الاقتصادية والسياسية ليكون عنصراً مساهماً في الإنتاج ، أما ما يحدث من معالجات أمنية هنا وهناك فهي لن تفيد، فجهاز الأمن ليس له موقع فيما هو مطلوب أصلاً… المسألة سياسية- اقتصادية سواء للكويتيين أو لـ”البدون”، ولا أظن أن أجهزة الدولة العدلية أو الأمنية وصلت إلى درجة من القدرة على استيعاب ميول الشباب وتفكيرهم ولغتهم التى لم يعد الكبار يفهمونها، فالدولة اليوم لا تملك تشريعاً خاصاً بالفضاء الإلكتروني ولهذا السبب تتورط وزارة الداخلية في مسألة المغردين رغم كونها مسألة إعلامية بحتة.
سيأتينا الحراك الحالى بالمزيد خلال سنوات قليلة جداً، ومن واجب الكبار الإسراع في الدخول إلى معهد لغة الشباب.