أقلامهم

د. حسن جوهر:يجب أن تطوى صفحة الماضي بكل آلامها وأحزانها واحتقاناتها

البوصلة!


د. حسن عبدالله جوهر


قرار الحكومة إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات وطرح ملف الوحدة الوطنية، وتعهداتها بإعطاء حزمة تشريعات مكافحة الفساد، والكشف عن الذمة المالية وآليات تنفيذ خطة التنمية برؤية جديدة ووفق مسطرة المحاسبة الذاتية صفة الأولوية للمرحلة القادمة، إضافة إلى استبسالها في إقرار الكوادر الوظيفية وإعادة النظر في الرواتب والأجور، وكذلك الاعتراف الصريح بقضية “البدون” في بعدها الإنساني ومعايير استحقاق الجنسية الكويتية، كلها مؤشرات إيجابية تستحق الثناء، ولعلها تصب في ترجمة عنوان النهج الجديد كأحد مطالب الحراك الشعبي الأخير.
وعلى الرغم من أن الحكومة برئيسها الجديد ما زالت هي ذاتها امتداد للحكومة السابقة ومدة بقائها مؤقتة لحين إجراء الانتخابات في الثاني من فبراير فإن التوجه الجديد يعكس مدى التغيير في النهج والاستجابة لبعض آراء ومطالب المعارضة، وهذا ما يبرهن أن الحملة السياسية على مدى السنوات القليلة الماضية كانت محقة وشعاراتها مشروعة بل حتمية.
وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أننا نكيل المديح والثناء للشيخ جابر المبارك كرئيس للحكومة لأن هناك تحديات أخرى لم تتمكن حتى هذه الحكومة من مواجهتها على المستوى المطلوب، خصوصاً فيما يخص الرهان على نزاهة الانتخابات وحماية إرادة الناخب الكويتي، حيث جرت “الفرعيات” بشكل علني وشراء الأصوات في بعض الدوائر قائم على قدم وساق.
ولكن ما يهمنا في الخطوات الإيجابية للنهج الحكومي الجديد هو إيصال رسالة مهمة مضمونها: لماذا يجب أن تتسمر حكوماتنا دائماً وتقف موقف المتفرج، بل تراهن على الوقت الضائع للهروب من مواجهة الحقيقة، ولا تبالي بالمقترحات والمبادرات التي تصون دعامات الدولة، وترتقي بالتشريعات إلى مستوى الشفافية في حفظ الأموال العامة، وتحقيق مبادئ العدالة وترفض هيبة القانون؟
ولماذا تنتظر الحكومة حتى خروج الناس إلى الشارع وتتوالى الاستجوابات، ولتتداخل معها كل أنواع الاحتقان والاصطفاف وتبادل الاتهامات فقط لحماية أشخاص أو كراسٍ؟ وماذا كان الوضع لو أن الحكومات السبع الأخيرة قد تفاعلت بمصداقية وإيجابية لحزمة مطالب الإصلاح والاقتراحات التي بدأت للتو بالاعتراف بها واعتبارها بوصلة الأيام القادمة، مع ضرورة لفت الانتباه إلى أن معظم، إن لم يكن كل ما تبنته الحكومة الآن، هي مقترحات نيابية تقدم بها نواب المعارضة أكثر من غيرهم؟
نعم يجب أن تطوى صفحة الماضي بكل آلامها وأحزانها واحتقاناتها، ونعم نستحق ككويتيين أن ننعم بمستقبل أفضل، وأن نتفاءل بأن بوصلة الأيام القادمة قد وجهت في الاتجاه الصحيح، وما تبقى هو ترجمة القول إلى فعل، وانعكاس الأمل إلى عمل.