أقلامهم

محمد المقاطع: المحكمة الإدارية دقت المسمار الأخير في نعش الدستور في حكمها عدم الاختصاص بةقف الانتخابات

السقوط الدستوري والسقوط السياسي
محمد عبدالمحسن المقاطع 
 
يوم صدور حكم المحكمة الإدارية في 5 يناير 2012، يوم حزن وعزاء للدستور، فقد جاء حكم محكمة أول درجة الإدارية ليدق مسمارا جديدا في نعش الدستور، لقد جاء مباركا الخروج على الدستور ومخالفة أحكامه، كما جاء ليرفع الحرج عن أي انتهاك مستقبلي له، وفاتحا المجال لتنقيحه من دون الخضوع لأحكامه، بعد أن وصف نفسه بالمجبر أمام مخالفة أحكام الدستور ومعلنا استسلامه لما أسماه بـ«نظرية السيادة»، وهي الفكرة التي قررها قانون تنظيم القضاء ولا وجود لها بالدستور الذي هو أسمى من القانون، والدستور من هذا المبدأ براء، وأضع أمام المواطن والأمة مصدر السلطات العبارات المؤلمة بحق الدستور وتجعلنا في حزن وقلق عليه من اليوم وفي المستقبل، فقد أوردت المحكمة: «الأمر الذي يجب على المحاكم جميعها دون استثناء غض البصر عنها وإن كان بها عوار أو كانت مشوبة بعيب عدم الاختصاص أو عدم المشروعية، لأن القاضي يخضع لأحكام القانون التي هي أساس عمله ونطاقه».
وأضافت: «بما تصدره السلطة التنفيذية من قرارات متعلقة بشؤون البلاد داخليا أو خارجيا، ومنها علاقتها بغيرها من السلطات وذلك باعتبارها سلطة حكم وهي تتخذ هذه القرارات ذات الطابع السياسي تقدر فيها مصلحة الدولة وفقا لما هي تراه دون غيرها وإن لم تكن مصيبة بذلك».
وقررت «فإن هذه المراسيم وما سبقها من قرارات تتعلق جميعها بأعمال السيادة، الأمر الذي يقود المحكمة مجبرة إلى عدم بحث مشروعيتها ومدى مطابقتها للدستور والقانون من عدمه، وتكون هي بالتالي بمعزل عن رقابتها هي وغيرها من المحاكم بصورة شاملة، لأن الأمر يتعلق بانعدام الولاية حتى ولو لم تكن هذه المراسيم والقرارات السابقة عليها مشروعة ومخالفة للدستور وقوانين البلاد، لأن القضاء يطبق القانون ولا يخرج عليه ويلتزم بنصوصه».
واليوم صار هذا المبدأ الخاطئ ووليد فكر الدولة المستبدة تاريخيا، عنواناً لمرحلة مستقبلية كان ينبغي أن يكون من مسلماتها تواري فكر التقديس لتصرفات الحاكم والسلطة التنفيذية بدلا من مباركته من القضاء الذي يقتبس مبادئ القرن الثامن عشر وأفكاره في كنف الدولة التسلطية ليفرضها في القرن الـ21 على حساب الدستور وإرادة الأمة، وهو ما يدفعنا الى بيان الخطأ الجسيم لهذا الاجتهاد الذي كانت عاقبة اجتهادات مماثلة له أن جرت دولها وأنظمتها أن عانت الويلات وعدم الاستقرار، وهو اليوم صار جزءا من مسؤولية نصدع برسالتها، والتعليق المستمر على الحكم حتى تتم العودة الى جادة الصواب.
وأود أيها المواطن الكريم أن أضع اليوم الحقائق كاملة أمامك في شأن السقوط الدستوري والسياسي لبعض السياسيين الذين يهرولون وراء مصالحهم الخاصة على حساب الوطن تاركا الحكم للتاريخ أولا ولك ثانيا.
أما السقوط الدستوري الحكومي فهو سلوكهم، المبارك للأعمال المخالفة للدستور أو المشاركة فيها أو السكوت عنها، ومن ضمنها إجراءات حلّ مجلس الأمة بالمخالفة لأحكام الدستور، وكل عضو من أعضاء المجلس ممن فرط بمقعده مهرولا للانتخابات غير الدستورية ينطبق عليه ذلك.
وأما السقوط السياسي، فهو بعدم وجود مبدأ لمن أطلقوا على أنفسهم «نواب المعارضة» ممن رفعوا شعار «رئيس جديد بحكومة جديدة وبنهج جديد»، وفجأة تبخّر الشعار وتهاوى المبدأ الذي لم يكن موجودا أصلا، فقد جاء رئيس جديد من حكومة سابقة وُصفت بالفساد وهو لهذا الاعتبار «ليس جديدا» ولم تأت حكومة جديدة ولو بوزير واحد ولا نهج جديد لهذه الحكومة. فما الذي غيّر الأحوال وسبّب التخلي عن الشعارات عندهم؟ تاركا لك الجواب. ولكن أقول قاتل الله المصلحة الشخصية التي تدفع السياسي للتلون والتخلي عن المبادئ.
اللهم إني بلّغت،،