أقلامهم

ذعار الرشيدي يكتب عن «المعقدين» الذين يديرون وزارات الدولة!

 «المعقدون» يديرون وزارات الدولة!
ذعار الرشيدي


«المعقّد» بتشديد القاف لفظ كنا نطلقه صغارا على الشاطر المتفوق الذي لا يشارك في اي نشاط رياضي او اجتماعي ويكون عادة منعزلا، والأميركان يطلقون على هذه النوعية من الطلبة «nerds» او «معقدين»، وأذكر ايام الدراسة انه لم يكن هناك فصل الا وكان فيه على الأقل «معقد»، وهؤلاء «المعقدون» يعيشون حياة اجتماعية شبه معزولة ولا يكادون يتواصلون الا مع افراد أسرتهم، وأبعد مغامراتهم الاجتماعية كانت الذهاب إلى فرع الجمعية القريب من منزلهم يوما في الاسبوع لشراء «بفك» و«بيبسي»، وعامة هم أشخاص قمة في الهدوء، والخجل يسيطر على معظم تصرفاتهم ولا يجيدون فن التواصل مع الآخرين، حتى إن بعضهم لا يعرف متى يتم استخدام جملة «كل عام وانتم بخير» و«أحسن الله عزاكم».
هؤلاء «المعقدون» اكتشفت مؤخرا انهم الأكثر حظا في المجتمع، فرغم الحياة الاجتماعية البائسة التي يحيونها طوال فترة مراهقتهم الا انهم في الحياة الوظيفية بعد المعهد او الجامعة يحصلون غالبا على افضل المراكز، وبعضهم يصل إلى مناصب قيادية، وبغير علم هنا اجزم بأن نصف قياديي الوزارات كانوا من جماعة «المعقدين»، هذا لا يعني ان النصف الآخر من القياديين من المنفتحين اجتماعيا او «المدردحين» بل إن النصف الآخر اما وصل إلى المنصب بالواسطة او لأنه من جماعة «هذا ولدنا»، قلة قليلة من القياديين وصلوا إلى مناصبهم وفق التدرج الوظيفي وبحسب كفاءتهم.


والله أعلم انه ولسبب أن معظم القياديين إما من «المعقدين» وإما من «المتسلقين» بالواسطة تجد ان أغلب قراراتهم التي يصدرونها لا علاقة لها بأرض الواقع كونهم يصدرونها وكأنهم جاءوا من كوكب آخر بسبب عزلتهم الاجتماعية فهم من البيت إلى المدرسة إلى الجامعة إلى المنصب لم يمروا بأي من بوابات المجتمع الطبيعية، بالعربي لم يحتكوا بالناس بشكل طبيعي مباشر، هؤلاء «المعقدون» و«المتسلقون» هم من يدير مفاصل الإدارة في الحكومة، لذا نجد إدارة المؤسسات الحكومية «ضايعة» و«تايهة» ومترهلة بسبب عقدهم.


في أميركا «المعقدون» أو الـ «nerds» يتحولون غالبا إلى عباقرة في العلوم او مبرمجي كمبيوتر ويخدمون بلدهم ومجتمعهم حتى وان لم يعشيوا حياة اجتماعية كاملة، هنا في الكويت «المعقدون» يمكن ان يصبحوا قياديين كوكلاء وزارة أو وكلاء مساعدين أو مديرين عامين و«يطلعون عين المجتمع» بقرارات لا علاقة لها في الغالب بالمجتمع ولا باحتياجاته.


توضيح الواضح: لو كان كل رجال المرور مثل رجل المرور سعود العتيبي من مديرية مرور حولي لكنا وكانت شوارعنا بألف خير.