أقلامهم

عبداللطيف الدعيج يوجه رسالة إلى الدكتور أحمد الخطيب

إلى الدكتور أحمد الخطيب
عبداللطيف الدعيج  



القبيضة مرروا قانون المرأة.. والمقاطعون عارضوه
في الدوائر الخمس والعشرين كانت الرشوة للناخب
تعديل الدوائر فرض على السلطة رشوة النواب
خسارة الناخب امتيازاته الانتخابية طوّرت من وعيه
النواب القبيضة أو الموالون كانوا موجودين منذ الستينات
القبيضة هم خيار الناس وممثلوهم الشرعيون
منذ التزوير الذي تعرضت له انتخابات مجلس الامة سنة 1967، اي منذ المجلس الثاني وحتى اليوم، توفرت للسلطة، او بالذات للشيخ سعد، رحمه الله، «كتلة» نيابية موالية اطلقت عليها جماعة الطليعة بقيادة الدكتور احمد الخطيب لقب «الموالون».
هذه الكتلة بقيت محتفظة بموالاتها للسلطة طوال السنوات السابقة، وحتى المجلس المنحل. تبدل اعضاؤها، وتغيّرت حتى دوافع موالاتهم وأسبابها، لكنها بقيت «الكتلة» التي ترتكز عليها الحكومة في تمرير ما تريد تمريره بقوة «التصويت». من كل مشاريع وقوانين التخلف، الى قانون دستوري متقدم، مثل اقرار حقوق المواطنة الكويتية السياسية في الترشيح والتصويت، الذي عارضه، بالمناسبة، جميع اعضاء «كتلة المقاطعة الحالية».
تنوعت وتعددت رغبات السلطة واتجاهاتها، لكن الكتلة بقيت دائما رهن الاشارة وعند الطلب. وشكّلت المناطق الخارجية الممول الرئيسي لاعضاء هذه الكتلة، فيما تحولت الانتخابات الفرعية الى اداة السلطة للتحكم في اتجاه ناخبي هذه المناطق وقرارهم.
السلطة استخدمت «المعاملات والخدمات» لشراء ود نواب الكتلة، الذين اطلق عليهم اصطلاح «نواب المعاملات»، وقد تم تعديل الدوائر الى خمس وعشرين دائرة لتسهيل التحكم في العملية الانتخابية.
نواب المعاملات كانوا يمارسون الرشوة المقبولة والمتفق عليها مع ناخبيهم عبر تمرير المعاملات غير القانونية او تقديم موعدها، هذا اضافة الى الغاء الغرامات او تحقيق الخدمات لمن لا يستحقها. هذا كان عبثا وتعديا على المال العام، وهو فوق هذا جريمة تهدد امن المواطنين، فاسقاط المخالفات المرورية، مثلا، يشجع على انتهاك قانون المرور ـــ هو ازمة نعاني منها الان ـــ وتمرير المخالفات يعرّض حياة المواطنين للخطر، واسقاط الغرامات او منح الخدمات غير المستحقة، يكلف المال العام الكثير. لكن كل هذا اصبح «تقليدا» انتخابيا كويتيا، لأنه يذهب لمصلحة محدودي الدخل من المواطنين.. وانا كتبت اكثر من مرة انه ربما ليس «صدفة».. ان كل الكويتيين، وبلا استثناء، ذوو دخل محدود!
المعارضة الوطنية بقيادة الدكتور احمد الخطيب الحقيقية في ذلك الوقت كانت تئن من نظام الدوائر الخمس والعشرين، ومن مخرجاته القبلية. لكن كانت بالعة الموس، باعتبار ان اي اعتراض هنا كان سيفسر على انه عنصرية ورفض لحق الاكثرية ذات العقلية القبلية من تحقيق الاغلبية في مجلس الامة. لهذا تعايشت المعارضة الوطنية مع الاختيار الحر للشعب الكويتي.
شباب الكويت استلم التغيير قبل سنوات في حركة «نبيها خمس». التي كانت ضربة لناخب المعاملات وتقليصا للنفوذ السلطوي في الشارع. تعديل الدوائر الى خمس، قلّل الى حد ما من نفوذ نواب المعاملات ومن هيمنة السلطة على مخرجات العملية الانتخابية.
هنا… ومع انحسار دور السلطة في تسخير الادارات والخدمات الحكومية للسيطرة على العملية الانتخابية بسبب اتساع الدوائر، انتهى دور نائب المعاملات. او بالأحرى تقلصت قدرة السلطة او الحكومة على فرض هذه النوعية من النواب على العملية الانتخابية. هنا دخل المال السياسي بديلا عن المعاملات، وحلّت الرشوة النقدية محل الرشوة العينية. بل انه في تطور مثير، اضطرت السلطة الى رشوة النائب مباشرة بدلا من رشوة ناخبيه. تعديل الدوائر الى خمس ادى الى ان يربح الناخب سياسيا، ولكنه خسر ماديا خدماته ومكاسبه غير المشروعة. هذه الخدمات والمكاسب غير المشروعة تحولت بفعل النظام الانتخابي الجديد لمصلحة النائب الذي اصبح يتّكسب هو مباشرة وليس ناخبه.
اعتقد، هنا، ان الوعي او التطور السياسي الذي لمسناه في السنوات الاخيرة التي اعقبت تعديل الدوائر، راجع، بالأساس، ليس الى تطور وعي الناخب وارتقاء مستواه الاجتماعي والمدني ـــ مع ان هذا ممكن او مقبول جدا كفرضية ـــ ولكن بالاساس لانه خسر امتيازاته ومنافعه التي كانت تحققها الدوائر الخمس والعشرون او التوزيع الانتخابي القديم. هذا عجّل، او هو دفع، بالكثير من الناخبين، لان يعيدوا النظر في اسباب ارتباطهم مع المرشحين. اي ان الرابط المنفعي المباشر لم يعد مجزيا او حتى ممكنا، بل اننا رأينا في الانتخابات الحالية بدء تفكك الرابط الدموي او القبلي في التمرد الذي حدث على الانتخابات الفرعية.
اصبح الناخب يتطلع الى مواقف عامة، والى نائب يحقق انجازات وطنية بسبب غياب الخدمات الخاصة ونوابها المعنيين والمعينين.
الحكومة السابقة، او حكومات الشيخ ناصر بالذات، ورثت عن الشيخ سعد «الكتلة» الموالية. الكتلة «الموالية» هي ذاتها، باعضائها الذين يعود تاريخ بعضهم الى المجلس الوطني او الى بدايات التحرير. لهذا فان الزعم بان المال السياسي استخدم لـ«التأثير» في اتجاهات النواب في الفترة الاخيرة زعم باطل. فهذه الكتلة الحكومية كانت موجودة منذ الستينات كما بينا. الذي تغير انها اصبحت تقبض مباشرة بدلا من الناخب، وهذا ربما ما اثار حفيظة الناخبين بالدرجة الاساسية.
اردت هنا ان اضع بعض الحقائق، وأسلّط بعضا من النور على تاريخ العمل السياسي في الكويت. لانه يبدو لي انه تم مؤخرا العصف بكل شيء. وهدم الكثير من القواعد والاصول بسبب عدم قدرة البعض على استيعاب التغيرات المتسارعة، والتحوّل في طبيعة وشكل النشاط السياسي الانتخابي. لقد كانت كتلة «الموالون» شوكة في خصر الوطن، ولكن لم يكن امام القوى الوطنية، الخاسر الاكبر بسبب وجودها، الا الانحناء امامها وتقبلها بوصفها خيارا حرا لـ «الناخب الكويتي»، عندما زوّرت السلطة الانتخابات اعترضنا… بل فجرنا المجلس المزوّر.. ولكن عندما اختار الناخب الكويتي كتلة الموالين لم يكن امامنا الا القبول، والا الرضوخ للاختيار الحر للناخب الكويتي.
النواب القبيضة هم «النواب الموالون»… نفس العينة ونفس الاسماء ونفس الدفع والقبض. لم يتغير شيء، اللهم الا وعي الناخب، الذي اصبح يميل الى العنصر الوطني، ويسعى الى تحقيق المصلحة العامة. الحراك الوطني كان لمصلحة الناس، والى زوال القبيضة والدفيعة، ولم يكن مجلس الامة بحاجة الى اقتحام او تحرير لتحقيق ذلك. بل انه وفقا لهذا التحليل، فان النواب القبيضة كانوا سيزولون بانتهاء ولايتهم، لان الناخب لم يعد مرتبطا كما يجب بهم، ولم يعد لديهم شيء يقدمونه للناخب. لقد كان الافضل للكويت وللعمل السياسي التمسك بالاصول والقواعد، والاحتكام للناس ولمجلس الامة.. النواب القبيضة هم النواب الموالون.. لكنهم في النهاية والبداية خيار الناس وممثلوهم الشرعيون. ومجلس الامة، وليس ناخبو «نواب المقاطعة» وفقا للدستور، هو الذي يختص بالفصل في عضويتهم.
* * *
1 – عبدالله النفيسي: الحكم يحتاج تفهماً، وحزماً، ودراية وقوة وصبراً وحكمة.
الحكم ليس وظيفة «بارت تايم»، متى ما تعبت منه، تقول أوه تعبت.
نفس عبدالله النفيسي بنفس الندوة، من نفس المايكرفون..
2 – الأمة يجب أن تكون لها كلمتها، وكلمتها قالها الشباب.
نحن عامة الناس «الغوغاء» نحدث التغيير.
الاول اوليغاركي.. بل فردي… والثاني ديموقراطي حتى النخاع.. هذا الطرح هو مثل اختيارات الناخب هذه الايام على «مشتهاك» وهيك ناخبين.. هيك منظرين..
عبداللطيف الدعيج